كثبان مرزوكة، ملاذات الكبار

0 789

قد تستمتع برياضة الغطس في البحر، وتطير الى جبال سويسرا للتزلج ، وتبحث عن السياحة الاستشفائية في الجزر الايطالية، لكن متعة السياحة هي الاكتشاف، في المغرب تجتمع كل هذه المتع اضافة الى التزلج واليتداوي برمال الصحراء التي تمنحك متعة التأمل في لياليها المقمرة.

الرشيدية (المغرب) – المغرب حضارة وثقافة وتنوع طبيعي وبشري يتراقص في حركات متسقة متنقلا من الساحل إلى الجبل نحو السهل وصولا إلى رمال وكثبان الصحراء بعد المرور بقمم تغطيها ثلوج بيضاء.

السياح من مختلف مناطق العالم يقبلون على مصنوعات تقليدية مغربية من أزياء وأثاث ويتمتعون بمختلف الأطباق المشهورة والمتنوعة بتنوع الجغرافيا والتقاليد، عندما تأخذ اتجاهك نحو جنوب شرق المغرب التي يسيطر على مناطقها المناخ الجاف شبه الصحراوي، مثل الرشيدية وزاكورة ومرزوكة.

لحظة غروب الشمس وشروقها بين كثبان ورمال مرزوكة، تتكاثف فيه دلالات الحكمة والإدهاش والسحر، عالم لانهائي وحر لا يمكنك أن تصادف مثل روعته ورهبته وسكونه في مناطق أخرى من العالم.

مخرجات فضيحة مونيكا لوينسكي التي طوقت الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، كانت رمال مرزوكة وفضاءاتها الشاسعة هي ملاذ هيلاري كلينتون ابتعادا وإعادة ترتيب الأوراق حول هذه الأزمة بين الزوجين. إنها حكمة المكان وروعة المضيف وحرارة الضيافة التي تجدها من أعلى هرم السلطة إلى أبسط مواطن في المنطقة، اندمجت هيلاري مع أدق ذرة في الرمال فخرجت منتصرة على حزنها وألمها، وانتصرت حكمة الصحراء على متاعب ودواهي السياسة.

مرزوكة رقم هام وأساسي في السياحة المغربية تقع جنوب شرق المغرب، الجو الصحراوي المتناسب مع الرمال الذهبية الساخنة، جاذب مهم للأعداد المتكاثرة من السياح من داخل المغرب وخارجه.

تحرك الكثبان والتلال الرملية في حركاتها المستمرة تذكرك بأمواج البحر المتحركة، رمال ساخنة تتم عملية الدفن بداخلها على يد خبراء من المنطقة وبعد أن يمر السائح الذي يريد الخضوع لذلك الحمام الرملي الذي يعتبرونه علاج لأمراض مستعصية كالروماتيزم، إضافة إلى متعة يجدها في طريقة الدفن تحت الرمال والطريقة الاحترافية في الخروج من الحفرة مخلفا مكانا مبللا بعرق تخرج معه مجموعة من الترسبات السمية، وهذا يمر عبر فحوص طبية لكي لا يتعرض السائح إلى مضاعفات ناتجة عن الارتفاع الكبير في الحرارة.

مغامرات التزحلق على الرمال تخلو من الاخطار
مغامرات التزحلق على الرمال تخلو من الاخطار

مرزوكة رقم هام وأساسي في السياحة المغربية

عكس الأوروبيين والأستراليين واليابانيين، فالسياح العرب لازالوا لم يتعرفوا إلى سحر وروعة منطقة مرزوكة وإمكاناتها الطبيعية والسياحية، التي لازالت بحاجة إلى الاكتشاف، والاستثمار السياحي فيها سيكون مربحا على المدى المتوسط والبعيد. الطريق الواصلة بين الرشيدية ومرزوكة التابعة لها اداريا تعج بالفنادق والقصبات التاريخية والمآوي ونزل وفنادق سياحية وخيام تقليدية، هذه الأخيرة التي تكون قريبة من كثبان مرزوكة الرملية بدرجة كبيرة تسهل على السائح نزهته وتزيد من متعته، حيث تتناوب على تلك الطريق فضاءات متنوعة من سحر الطبيعة يخلب الأنظار ويجذب الأفئدة والأبصار.

يمكن للسائح أن يبيت ليلته فوق تلك الرمال وداخل خيمة إذا أراد تجربة الرحل القدامى بجمالهم وخيامهم المتحركة هنا وهناك، يبيت مستمتعا متأملا تلك الطبيعة ونجوم السماء ويستمتع بتلك اللحظات التي تأسر النظر والفكر عند شروق الشمس وغروبها. وفضلا عن كل هذا وذاك تعتبر رمال مرزوكة مجالا واسعا ورحبا لمن يريد أن يمارس رياضة التزلج على الرمال.

إنه المغرب الذي لابد من أن تتعرفوا عليه وتتوقوا إلى رؤية معالمه الحضارية والثقافية والطبيعية، ذرات رمال صحرائه مندمجة بين عروق ودماء أبنائه الطيّبين المضيافين المتسامحين الذين يحتفلون بها وتحتفل بهم يحفظونها بين أسنانهم وتحن هي الأخرى عليهم رغم قساوتها، فهي الجدة الكبيرة الحكيمة الرحيمة.

 

جريدة العرب – محمد بن محمد العلوي [نُشر في 06/09/2013، العدد: 9312، ص(17)]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.