أي سياسة عمومية للتنمية الصحية بالمغرب

0 377

يشهد قطاع الصحة بالمغرب دينامية كبيرة جسدتها العديد من المخططات والقرارات الهامة التي تم اتخاذها بهدف توفير خدمات صحية ذات جودة لفائدة المواطن تكريسا لحقه الدستوري في الصحة ولرهانات تنمية بشرية رأسمالها البشري الإنسان وسلامة قوامه الجسدي والنفسي في أفق استعادة ثقة المواطن في نظامه الصحي.

ونحن، كفاعلين في حقل التنمية الاجتماعية، نرى أنه من غير المهني إبعاد الصحة عن مشاريع التنمية الاجتماعية، على اعتبار كون الصحة جزء لا يتجزأ من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية …. فإذا كانت الصحة غاية أساسية من غايات التنمية فإن القدرة على التنمية نفسها تتوقف على الصحة، وبالتالي فهي تعتبر مكون أساسي ولازم للتنمية الإنسانية، وشرطا ضروريا لها، وإذا كانت مشاريع الديناميات التنموية تتأسس على معالجة مشاكل رئيسية تتفرع عنها مشاكل تؤثر سلبا على الهندسة الاجتماعية، فإنه يجب الاستثمار في تطوير الخدمات الصحية العمومية التي تشكو قلة الموارد البشرية وضعف التغطية الصحية وواقع السياسة الدوائية وارتفاع تكاليف العلاج والدواء٬ بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية التي لا تواكب الانتشار الواسع للأمراض الخطيرة والأمراض النفسية في المجتمع المغربي وما تتطلبه من إمكانيات وتكفل طبي ذي جودة.

ونعتبر أنه في دولة الحق والقانون والإصلاح الديمقرطي من غير المعقول أن نتحدث عن سرير واحد لكل 1000 مريض٬ وعن خصاص في الموارد البشرية٬ ووصول معدل شراء الأدوية لدى المغاربة إلى 400 درهم لكل مواطن في السنة، وأن يصنف المغرب من قبل المنظمة العالمية للصحة ضمن 57 دولة في العالم التي تعرف خصاصا كبيرا على مستوى الموارد البشرية، ما بين 7000 طبيب و9000 ممرض، مع العلم أن هناك بطالة في صفوف الشباب.

ويفرض هذا الواقع الصعب على الفاعلين في القطاع الصحي ضرورة إعادة النظر في السياسة الصحية برمتها من خلال اعتماد مقاربة تشاركية مع مختلف الفاعلين في القطاع٬ من أجل تحسين ظروف الاستقبال بمختلف البنيات الصحية وتحفيز وتعبئة الطاقم الصحي ليقوم بدوره كاملا في الرفع من مستوى الأداء٬ لضمان خدمة صحية تتسم بالجودة والقرب٬ وبصفة عادلة ومتكافئة لكافة المواطنين٬ وتخفيف تكاليف العلاج، وعلى المواطن الانخراط بدوره على مستوى محاربة مظاهر الفساد والرشوة في قطاع الصحة، والسياسة العمومية للصحة يجب أن تركز على مراقبة مؤسسات الضمان الاجتماعي وإجبارها على أجل إعمال مبادئي الشفافية والمصداقية في معالجة ملفات علاج المؤمنين، وأيضا الضغط والمراقبة اليقظة للصيدليات التي تتلاعب في الأدوية من حيث الجودة ومن حيث الأثمنة، وأيضا محاربة اللوبيات الخاصة التي تتاجر في صحة المواطنين، وتسعى جاهدة إلى الإنفراد بخدمات القطاع وتبعد رجال الأعمال عن استثمار أموالهم الخاصة، وعرقلة مسلسل التأسيس لخدمات صحية جيدة وفي متناول الجميع، لأن المواطن المغربي يعيش أزمة صحية خانقة، رغم ” كذبة راميد” التي تعرقل الولوج الوطني للخدمات الصحية العمومية.image

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.