الإنقطاعات المتكررة للكهرباء و مواليد الظلمة..

0 386

[box type=”shadow” align=”alignright” width=”95%” ]

بقلم : محمد حداوي

[/box] مواطن مسكين مغلوب على امره كتب مؤخرا في ركن جريدة وطنية واسعة الانتشار، كتب وهو مستاء ليقول، أنه بسبب توالي انقطاعات الكهرباء في منطقته، أصبح المواطنون هناك يشعرون أنهم من الدرجة العاشرة وليس فقط الثانية أو الثالثة، وباتت انقطاعات الكهرباء أشد وقعا عليهم –على حد قوله- من غياب الطريق والمستوصف والعمل، وغالبا ما تكون هذه المرافق سببا لتظاهرهم قصد اثارة انتباه المسؤولين الذين يعيشون حياة نائية في جزيرة روبنسون كروزو لعلهم يلتفتون الى اوضاع المنطقة المنسية و يرحمون خلق الله على ارضها.حين قرأت هذا الخبر المرتبط بالإنقطاعات المتكررة للكهرباء في منطقة هذا المواطن المستاء على غرار ما يحدث في مناطق اخرى عديدة من البلد التي تعرف نفس الظاهرة، تذكرت ذلك الإكتشاف الغريب الذي اكتشفته بلدية نيويورك ذات مرةعندما لاحظت زيادة مفاجئة في المواليد، ولدى البحث تبين أن انقطاع الكهرباء في أحد الأيام أدى لهذه الزيادة لما سموه ب”ابناءالظلمة”.. فبعد مدد طويلة من انصراف الرجال عن زوجاتهم وانشغالهم بالتفرج على مباريات الكرة، أدى انقطاع الكهرباء عن التلفزيون إلى الذهاب للفراش وأحضان زوجاتهم، فكانت النتيجة زيادة في المواليد ببضعة آلاف طفل جديد لم يكن ليكتب لهم أن يظهروا على وجه الأرض لولا الانقطاع الذي حصل في الكهرباء. واستنتجت البلدية ان حمل النساء في المجال الترابي الخاضع لإدارتها كثيرا ما يتوقف على توافر القوة الكهربائية أو انعدامهاوهو اكتشاف جديد لم يكن معروفا لدى البلدية من قبل. لقد بحثت البلدية اكثر من ذلك في هذا الموضوع المثير لإيجاد جدول إحصائي آخر عن نسبة مواليد انقطاع القوة الكهربائية مقابل عدد مواليد توافر القوة . ولم يتوقف فضول بحث البلدية عند هذا الحد، بل تحداه الى البحث تحت اشراف احدى جامعات البلد عن مدى امكانية إصدار تقرير يثبت أن من تحمل بهم أمهم عند وجود الكهرباء أكثر صحة وجسما وعقلا ممن تحمل بهم أمهم في الظلام عند انقطاع الكهرباء..
حين قرأت هذا الاكتشاف العجيب لبلدية نيويورك، فهمت لماذا كل هذه الديموغرافية التي تعرفها بلدنا الذي سمته الأساسية الانقطاعات المتكررة للكهرباء في مناطق كثيرة بل وغيابها التام في بعض عشوائيات المدن الكبرى وبعض المناطق الريفية النائية التي لم تعرف بعد خيوط هذه الطاقة الحيوية.ماذا لو تم إجراء بحوث اخرىمشابهة في بلدنا على غرار ما قامت به بلدية نيويورك، لعلنا نجد تفسيرا علميا للحالة الديموغرافية للبلد وكذا العقليات الظلامية الخربة التي حصلنا عليها في بعض الادارات والتعليم والرياضة والانتخابات والمسؤوليات العمومية وبعض الميادين الاخرى التي سجلنا فيها اعوجاجات فظيعة يندى لها الجبين..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.