احذروا لصوص الصوم والطاعات

1 431

قال الله عز وجل: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون [البقرة:185].
اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى تفضيل بعض الناس على بعض ، وبعض الأماكن على بعض ، وبعض الأزمنة على بعض, ومن هذه الأزمنة التي فضلها الله تعالى شهر رمضان الأبرك وخاصة منه ليلة القدر… زمن لا كالأزمان إذ فيه تتضاعف الأجور ويعظم الثواب من الله الكريم,وفيه كذلك يصفد الشياطين ونفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران وينادي المنادي فيه يا باغي الخير اقبل وباغي الشر اقصر, ومن أجل ذلك فإن الصحابة الكرام والسلف الصالح كانوا يستعدون له استعدادا كبيرا وينظرون قدومه على أحر من الجمر ,بل وكانوا يطلبون الله تعالى طوال الست أشهر أن يبلغهم رمضان بعد أن عاشوا على نشوة وأثر رمضان السابق الست أشهر الماضية.
ولعل توفر كل هذه الظروف فيه ما جعل الرسول صلى الله عليه وسلم يشدد على من لم يحسن استغلاله , فقد صَعَد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال : آمين ، آمين ، آمين . قيل : يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت : آمين ، آمين ، آمين . فقال : إن جبريل عليه السلام أتاني فقال لي : مَن أدرك شهر رمضان فلم يُغْفَر له ، فدخل النار ، فأبعده الله ، قُل آمين ، فقلت : آمين . ومَن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يَبرّهما فمات ، فدخل النار ، فأبعده الله ، قل آمين ، فقلت : آمين . ومَن ذُكِرْتَ عنده فلم يُصَلّ عليك فمات ، فدخل النار ، فأبعده الله ، قل آمين ، فقلت : آمين . رواه ابن خزيمة والحاكم وصححه ، ورواه ابن حبان .
وإذا أحسننا التمعن نجد أنه ليس من الصعب القيام بالطاعة لله سبحانه في رمضان وفي غيره وإن كانت متيسرة أكثر فيه ,ولكن الأصعب هو المحافظة على هذه الطاعة حتى تصل إلى غايتها ومولاها, ونجزى على إثرها الجزاء الأوفى. فالطريق مليء بقطاع الطرق الذين يخطفون ويسرقون على حين غفلة منا ؟؟ فهل سننتبه وننتخذ الإجراءات الازمة أم أن الأمر أصعب من ذلك؟
ومن اللصوص الخطيرة التي تسرق طاعاتنا أو تنقصها أجرها نذكر لا الحصر:
1. فساد القصد والنية:
صحح نيتك وأخلص لله تعالى في كل أعمالك واعلم أنه كلما حرَّر العبدُ مقصده، وصحَّح نيَّته، وأصلح سريرته، فقد وفر أهم عناصر الحماية لعمله الصالح ككل، وصان صيامه من أخطر و أهم اللصوص المتربِّصين به الذين يأكلون ثواب طاعاته. وإلا لا قدر الله وسامح يصدق فيك قوله تعالى: “فقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا”
2. القلب الملوث:
من لم يقبل على الله تعالى وعلى طاعته بقلب سليم من الأمراض المختلفة كالكبر والحسد والعجب والحقد وغيرها, لم يجد من عبادته إلا الهباء والخواء,لذلك فمهم جدا أن ننقي قلوبنا من أدرانها وأحقادها حتى نسعد بما نقدم من طاعات.
3. اللسان المتفلت:
اللسان كم هدم من بنيان وكم ضيع من عبادة وإيمان,وكم حرق من قربات فيها لنا الأمن والأمان , وبالمقابل فيمكنه إن يقربنا من الرحمن ويرقى بنا في مدارج الطاعة والإيمان,و يسعدنا في الدارين, للحذر من هذا اللص المتربص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:من لم يدع قول الزور والعملَ به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))حديث مرفوع صحيح أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه
4. العين الزائغة”
إن تعمة البصر من النعم الغالية التي يجب أن نشكر الله عليها ليل نهار وأن نراقبه فيها فلا ننظر إلى ما حرّم الله لا نستعملها فيما يغضبه تعالى مما يجر علينا الويلات والويلات من فتنة و سرقة للأجر والثواب دون أن نشعر، ونعلم أننا غداً سوف نُسئل عما رأيناه بأبصارنا قال تعالى : ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)(الإسراء: من الآية 36) . .قال الله تعالى أيضا : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) الآية (النور:30-31) . و وكل هذا لأجل سلامتنا وسلامة طاعتنا.
5. التلفاز:
من أخطر اللصوص الذين يفسدون على الناس صيامهم التلفاز وما يبث فيه من برامج غالبا لا تتماشى والثقافة الإسلامية الملتزمة والمحتشمة مما يجعله خادشا لصيامنا وطاعتنا للأسف الشديد.
ومن مخاطر هذا الجهاز اللص:
1. تبذير الوقت وإضاعة العمر فيما لا يفيد.
2. نقل أخلاق البيئات المنحرفة إلى مجتمعنا الإسلامي.
3. إلهاء الناس وإشغالهم عن أولوياتهم وقضايا أمتهم الأهم.
4. تقديم القدوات السيئة للشباب والاطفال وإظهار الفاسقين في موقع الصدارة من المجتمع
5. التعود على رؤية المنكر وعدم إنكاره والتطبيع معه بل وإشاعته بين الناس وتبليد الحس السوي.
6. التشجيع على الفرقة و الإسهام في تقطيع العلاقات والتواصل بين الناس.
7. …..
6. الأسواق:
الأسواق أو مكان البيع والشراء ومكان تضييع الأوقات والأموال غالبا,عند غير المتزنين,بل ومحل الغش والخداع والربا والأيمان الكاذبة وإخلاف الوعد والإعراض عن ذكر الله والمعاكسات وغيرها ولعل ذلك سر بغضه, وإلا فهو مكان تلبية الحاجيات وشراء المستلزمات….
 عن أبي هريرة t أن رسول الله r قال ( أحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها )( مسلم )
7. الأكل الكثير:
وقد قيل زمان البطنة تذهب الفطنة,بلى إن الأكل الكثير يسبب الكسل والخمول مما يجعل صومنا يسرق منا وطاعتنا تخترق بحيث نقوم لها إن قمنا ونحن كسالى دون خشوع أو خضوع لله تعالى.
8. الهاتف:
لذلك فهو لص عند من لم يسحن استخدامه فعوض استعماله في صلة الرحم والتعلم ومعرفة أحوال الأهل والأصدقاء قد يستعمل في السب والشتم والغيبة ةوالنميمو وأكل لحوم الناس المسمومة…هذا بالإضافة إلى إهدار الأوقات فيما لا يفيد ولا يهم…
9. شبكة الأنترنيت:
لص خطير إذا سيء استعماله فهو يضيع الدين كله وليس الصيام فقط في: تضييع الأوقات وإهدار الطاعات, وتصفح المواقع الرديئة والتفرج على الصور غير المحتشمة إن لم تكن الإباحية….
10. البخل:
كان رسول الله r أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان ( متفق عليه ),إلا أن عند البعض العكس تماما فلا تجده يتصدق على فقير ولا يجود لصالح محتاج بل مرض الشح والبخل ملك عليه كله,مما يقلل من أجره ويخدش طاعته وصومه…
11. الرياء
قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر ) البقرة 462 . والرياء داء عضال,ومرض فتاك يفتك بالحسنات والطاعات,ورغم أنه كذلك من أمراض القلوب فقد أفردناه بالذكر لأنه أخفى من ذبيب النمل كما قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم…
12. السهر:
فهو لص قبيح يسرق أعز ما نملك وهي الأوقات والأعمار التي هي حياتنا,وللأسف الشديد أصبح يستعمل عند الكثيرين عوض الطاعة والقيام في معصية الله كالسهر في مشاهدة الأفلام والقنوات الفضائية والألعاب المحرمة والسهر في أكل الغيبة والنميمة وآفات اللسان التي لا تعد ….
13. اللامبالاة
وهو التسيب وتك العنان للنفس والهوى دون قيد وهذا مما لا شك فيه يضيع الدين والدنيا,فتجد المتسيب لا أهداف له تذكر ولا أعمال منجزة تشكر…
14. النوم الكثير
النوم وما أدرك ما النوم يأكل الأوقات كما يأكل تأعمار والحياة,فلن يطل النوم عمرا ولن يشيد قصرا ولن ينجز عملا ولن يجر في الصوم خيرا…
15. رفقاء السوء
الصاحب ساحب ,”والمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل” كما قال صلى الله عليه وسلم. لذلك فالصحبة السيئة من لصوص الصيام والطاعات بل والحياة…
16. المجالس الخالية من ذكر الله:
المجالس فيها التي تتنزل فيه الرحمات وتحفه مبلئكة الرحمن وفيه ما تمارس فيه النكرات وتتنزل فيه اللعنات ومن أمثلة ذلك: مجالس الغيبــــــــــة ,النميمــــــــة ,القــــــــــذف ,السب واللعن ,الجـدال والمراء,الكذب والإشاعة ,الطـعن بالأنساب ,الفـخر بالأحساب ,اللمز والهمز والتنابز والثرثرة واللغو والرفث….
17. المطبخ
كم من الأوقات تهدر وكم من الأعمار تقبر في إعداد شهوات وملذات البطن بإسراف وتبدير للأموال والجهود والأوقات عوض توفيرعا فيما يفيد في الطاعات والقربات خاصة في شهر الصيام والقرآن والقيام ….
نسأل الله أن يبصرنا بعيوبنا ويوفقنا لتجاوزها وأن يعرفنا بأعدائنا ويقدرنا على مواجهتها والانتصار عليها في كل وقت وحين وأينما حللنا وارتحلنا…
اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك،
واحفظنا اللهم في أعمارنا وطاعاتنا وصومنا وصالح أعمالنا يا حفيظ يا رحيم.
وصلى اللهم على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.
والحمد لله رب العالمين

رشيد وجريرشيد وجري.jpg

تعليق 1
  1. ابن زاكورة يقول

    حياك الله يا السيد رشيد وجري،تقرير قيم وممتاز،كنت طلبت من الاذاعة ارجاع القران والتفسير في الخامسة على الاذاعة الوطنية،وذالك قبل ايصال بث اذاعة محمد السادس للقران الكريم،انا كنت اظن ان المشرفين على الاذاعة والتلفزة المغربية،انهم متدينون وانهم حرصين على نشر الرسالة المحمدية الاسلامية ،ولكن فوجات بالعكس،فحلاقات الدين تكون في الساعات المتاخرة من الليل لايسمعها سوى صنفين او ثلاث،السكارى والمحششين،فهالاء لايسوقون كما يقال،الحراس اليليون،وبعض السائقين،وماذا يقدمون في هذا لاشيء يفيد ابدا،بعض التجار هذه فرصتهم،القمارة يسهرون الليالي في القمر،خلاصة القول فتقريك ممتاز وممتاز جداوحكى الواقع،اللهم ردنا لديننا ردا جميلا؛الح علي صديق ان ابلغك سلامه وهو فائز البشير(المقتصدية)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.