طقوس الاستسقاء بتسركات بين الاحتفالي والخرافي

1 678

توطئة

وصفها الاستعمار” بالمغرب غير النافع” وسماها احمد الميداوي   حينما كان وزيرا للداخلية بالمنطقة البكماء ، أما اهلها فيلقبونها بالشاكمة مبالغة في القيظ الذي تتعايش معه طول السنة. هذه هي درعة الغارقة في لجج المعاناة ،ففوبيا الجفاف والماء ظلتا منذ القدم تابتا مناخيا أتث المنطقة ، لذا لا نفاجأ اذا انعكس ذلك على عقلية السكان فأعطانا منتوجا أسطوريا يتمفصل فيه الاحتفالي بالخرافي.هذا سنحاول مقاربته من خلال طقوس الاستسقاء بدرعة وبالضبط  بقرية تسركات التي على مرمى حجر من زاكورة المدينة.

1 – الظروف المناخية

يتميز مناخ واحة درعة بطابعه القاري الصحراوي ،و بالحرارة المفرطة صيفا والبرد القارص شتاء ، فالجفاف طيلة السنة أضحى معطى مناخيا نظرا لانفتاح المنطقة على الصحراء الكبرى وتعرضها الى المؤثرات الصحراوية الجافة ،كما تحول جبال الاطلس الكبير في الشمال وجبل سيروا في الغرب دون تسرب السحب الممطرة الى درعة .

والحال ان هذه الظروف المناخية الجافة لها انعكاسات سلبية ليس فقط على النشاط الزراعي فقط وانما على عقلية السكان فكانوا يتوسلون الى الاولياء واهل الصلاح وكل من يعتقد انه فيه بركة ويملك قوة خفية لاعتقادهم أن بمقدور هؤلاء حماية المنتوجات من قر الشتاء وحر الصيف وجلب الماء اليها.

2  – مشكل الماء

يشكل الماء بواحات درعة أهمية خاصة بالنسبة لسكان هذه الواحات باعتباره من الموارد الطبيعة و الاقتصادية التي لا يمكن الاستغناء عنها ،ورغم أن نهر درعة العظيم يخترق هذه الواحات من الشمال الى الجنوب فان مشكلتها الاساسية التي ظلت تعاني منها هي قلة الماء ،واذا كانت واحتا مزكيطة وتنزولين تستفيدان من جزء من كبير من مياه نهر درعة لموقعها في عالية الوادي ، فان الواحات الاخرى تعاني وبشكل متفاوت من شح المياه و ويزداد هذا المشكل كلما اتجهنا نحو الواحات الجنوبية الى ان يصبح الجفاف مزمنا يتعايش معه الناس سنويا بواحتي محاميد الغزلان والكتاوة ، واذا كانت بعض قبائل الواحات الشمالية من مزكيطة الى ترناتة تعمد الى اقامة سلسلة من السدود الصغرى والتي تدعى محليا ب (أكوك)في عرض الوادي للرفع من منسوب الماء ،فان قبائل الواحات الجنوبية تعتمد أحيانا على العنف لتهديم هذه الخزانات بالواحات الشمالية لانقاد ما يمكن انقاده من الواحات الشمالية مما يؤدي أحيانا الى مواجهات دموية بين القبائل ، فيتدخل أهل الصلاح من الأشراف والمرابطين والعمل على ايجاد حل توافقي يؤدي الى تهدئة الاوضاع .وفي هذا الاطار كانت قبائل الواحات الشمالية توافق على تحديد مدة زمنية تسمح خلالها بإرسال الماء الى الواحات الجنوبية ـ فتعمد كل قبيلة الى اغلاق مدخل ساقيتها واحداث فتحة كبيرة في سدها الصغير فيؤدي ذلك الى احداث فيضان اصطناعي يسمح بوصول الماء الى واحتي الكتاوة والمحاميد ويرى الدكتور احمد البوزيدي في كتابه (التاريخ الاجتماعي لدرعة من مطلع ف17 الى مطلع ق 20ص36) أن “العمل بهذه السيول الاصطناعية ظل منذ عهد الحماية و لازال المسؤولون يفرضونه على سكان الوادي الى اليوم”.(يتبع)

تعليق 1
  1. ZAGORI15 يقول

    تحية عالية للاستاذنا العزيز

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.