الحق في الوصول إلى المعلومة بالمغرب وهم أم حقيقة

0 456

    يبدو أن الكلام في موضوع كالحق في الوصول إلى المعلومة بالمغرب يحتاج إلى مقاربة ومنهجية قانونية بالأساس، بيد أني سأغضي الطرف عن هذه المقاربة لمعرفتي البسيطة بها، لأتحدث عن هذا الموضوع من مقاربة وزاوية أخرى كمواطن عادي كعامة الناس وكطالب باحث اصطدم بعراقيل وصعاب عدة أثناء بحثه عن بعض المعلومات.

     باذئ ذي بدأ دعونا ننطلق من السند القانوني الدستوري الذي ﻧﱠﺹعلى الحق في الحصول على المعلومة بالفصل 27 من دستور عام 2011 حيث يقول: ” للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام. لا يمكن تقييد الحق في المعلومة إلا بمقتضى القانون بهدف حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني وحماية أمن الدولة الداخلي والخارجي، والحياة الخاصة للأفراد، وكذا الوقاية من المس بالحريات والحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور“.

     وانطلاقا مما جاء في الفصل 27 من الدستور الجديد، فالحق في الحصول على المعلومة مشروع لكل مواطن من الإدارة العمومية، اللهم إذا استثنيا بعضا من تلك الحالات التي تهدد السلامة والأمن العام للبلاد أو التي تمس بكرامة بعض العباد كما جاء في القانون التنظيمي المؤطر لها، والذي يحتاج أصلاً إلى إعادة النظر في الكيفية التي صِيغَ بها هذا القانون، هل في إطار مقاربة تشاركية بطريقة أفقية همت جميع الأطراف بما في ذلك الإدارة بفاعليها والدولة بمؤسساتها وسياسيها والمجتمع المدني والمواطن…، أم بمقاربة أُحادية وعمودية ﻣُنزلة من فوق ومن طرف واحد فقط، وهنا تُطرح تساؤلات عدة حول مدى احترام مبدأ المقاربة التشاركية في إعداد  مختلف السياسات العامة المنصوص عليها في الدستور الجديد؟.

    كما أن الغوص في خبايا وأسرار واقع الإدارة المغربية بمواردها البشرية يبرز تناقضاً صارخاً بين القوانين والواقع الذي يُظهِرُ إشكالات عويصة تحتاج إلى أبحاث مُعمقة لتشخيص واقعها المزري شكلاً ومضمونا ظاهراً وباطنا، فالعديد من الموظفين في الإدارات العمومية المغربية وأخص بالذكر القدامى منهم ممن يتعاملون وكأنهم مالكي الإدارة بما حَوَتْ والمعلومة بما احْتَوَتْ، هذا إن وُجِدتِ المعلومة في الأصل، لأن العديد من الإدارات لا تحتوى على موقع إلكتروني للتواصل ولا على بنك أو قاعدة معلوماتية خاص بمعطياتها على ما يبدو، كما أنها إن توفرت تكون غير مُحينة وتعود لأزمة غابرة لا تصلح للمراد منها.  كما أن السائل أو الطالب للمعلومة وإن مـر بأشواط من التعقيدات الإدارية كالترخيص والمراسلة والطلب وغيرها عندما يقف أمام المعنى بالأمر غالبا ما يكون الجواب، بالرفض أو التماطل والتسويف أو غياب المعلومة، وإن كان الجواب بالإيجاب فعادة ما يكون بواسطة المحسوبية أو ﺍﻟﻣﳲﻥِ والجميل عليك وكأن هذا الموظف هو مالك المعلومة والإدارة معاً، هذا في التعامل مع الطلبة الباحثين المقبلين على إنجاز بحوث تهم معالجة مجال يهم في الأصل النفوذ الترابي لإشتغال تلك المؤسسة أو الإدارة ما يعرقل سير تقدم البحث الأكاديمي ببلادنا بسب صعوبة ولوج معطيات أو معلومات ذات صلة بمجال اشتغال الباحث، أما المواطن  المغلوب على أمره فله الله سبحانه وتعالى، كما أن المعلومات التي تهم الجهاز القضائي أو الإدارات الترابية (القيادة والعمالة والداخلية…) تبقى من المعطيات المحرمة لا يحق لأي كان أن يطلع عليها. لكن يجب أن نستثني مما سبق بعضا من الموظفين المخلصين الجادين المجدين والغيورين على وطنهم وعلى شعبهم، ممن يُسدون الخدمة للمواطن مهما كان بكل رَحْبٍ وَسَعَةِ صَدرٍ وبدون ﻣﳲﻥٍ ولا جميل على الناس.

  وبما أن الحق في الحصول على المعلومات يُدرَج ضِمن الحقوق والحريات الأساسية الواجب احترامها. ويدل على مدى ترسيخ مبدأ الديمقراطية في البلاد المعنية، فالولوج إلى المعلومة يمكن المواطن والمجتمع المدني والإعلام من الإنخراط الإيجابي الفاعل والفعال في الحياة العامة من خلال المشاركة في تتبع ومراقبة عمل الإدارة وفي اتخاذ القرار أيضاً.

    ونلمس هذا في العديد من الدول المتقدمة التي تنفتح على مواطنيها وتوفر لهم المعلومات والمعطيات بطرق استباقية، مثل كندا التي توفر أكثر من 270 ألف قاعدة معطيات مفتوحة لمواطنيها، والولايات المتحدة الأمريكية التي تصل فيها تكلفة الحق في الوصول الى المعلومة أكثر من 300 مليون دولار سنويا. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى تقدم هذه الدول على جل الأصعدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وإعلاميا، كما أن توفير هذا الحق له انعكاسات ايجابية على تنمية الإستثمار الاقتصادي والتقدم العلمي والتقني والصحفي الإعلامي وغيرها…

   ونخلص إلى أن الحق في الحصول على المعلومة بالمغرب في غالبيته وَهمٌ وليس حقيقة كما نلمس ذلك في واقعنا المعاش، ولتحقيق هذا الحق يجب أن نلتزم ونعمل أولاً على توفير بنوك معلومات ومعطيات تهم جل الإدارات والمصالح المعنية بتدبير جل السياسات العمومية للبلاد، ثم تأهيل وتكوين العنصر البشري وتوعيته بالقانون الجديد المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة، ثم توفير المَنَاخْ المُناسب لتفعيل وأجرأة هذا القانون لتعميم المعلومة ولمكافحة الفساد ولربط المسؤولية بالمحاسبة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.