أحداث مستشفى تنغير ومنطق الدفاع عن الظالم

0 453

يعاني  المستشفى الإقليمي بتنغير  من نقص في الموارد وخاصة الدواء و الأطر و الأطباء والتجهيزات، أكيد أن أي إنسان زائر للمستشفى يلاحظ الظروف الكارثية لأغلب مرافقه وخدماته، ولعل أبرزها تكمن في  قسم المستعجلات، فجله اختلالات، انطلاقا من مكتب الطبيب إلى قاعة العلاجات، مرورا بغرفة مهملة في أقصى القسم قرب دورة المياه، أما عن قاعة الملاحظة، وقسم الفحص بالأشعة فحدث و لا حرج، ولا يمكن أن نستثني قسم الولادة الذي يستقبل عددا كبيرا من النساء، إذ أن سعته السريرية لا تتجاوز 47 سريرا إلى جانب هشاشة البنية التحتية التي لا تتساوق والتخصصات والمهام المسندة إليه “حسب  بيان صادر عن فرع النقابة الوطنية للصحة المنضوي تحت لواء الكدش”.

هذا الوضع الكارثي الذي يعرفه قطاع الصحة بالإقليم انعكس سلبا على ظروف عمل واشتغال المهنيين أطباء وممرضين في جل مصالح المستشفى، مما انعكس سلبا أيضا على العلاقات المعاملاتية بين الأطر والعاملين بالمستشفى من جهة والوافدين إليه من مواطنين/مرضى من جهة أخرى، وهو ما عبرت عنه العديد من الشهادات والشعارات النسائية أثناء الوقفات والمسيرات الاحتجاجية التي خاضتها المرأة التنغيرية في الأيام القليلة الماضية، وجاء مصرحا بها في البيان الصادر عن “تنسيقية المتابعة والترافع عن الوضع الصحي بتنغير” كمطلب من مطالب النساء المحتجات وهي: تغيير السلوكيات الشاذة والممارسات العنيفة التي تتعرض لها المرأة التنغيرية من بعض العاملين بالمستشفى”. والذي أكد عامل الإقليم في نتائج الحوار مع التنسيقية ــ حسب بيان التنسيقية ــ أن هناك إرادة قوية لتغيير السلوكيات اللا مشروعة داخل المستشفى، وقد بدأت بطرد أحد الحراس الذين رفعت النساء شكايات ضده.

في الوقت نفسه أكد البيان الأول لفرع الكدش تضامنه مع عمال الحراسة، وفي الوقت نفسه تضامنه مع مطالب النساء المحتجات. وفي البيان الثاني الذي أصدره في نفس التاريخ الذي أصدر فيه البيان الأول قرر الدخول في إضراب إنذاري محلي لمدة 24 ساعة باسثناء بعض الأقسام، وذلك دفاعا عن كرامة كافة الشغيلة الصحية ورد الاعتبار لها … .”إوا فهم نتا شيحاجا فهاد شي”.

لا شك أن من أدبيات وأخلاقيات التطبيب والتمريض حسن معاملة المواطن/المريض، فحين يتقدم المريض للعلاج “أعباد الله” فهو في حقيقة الأمر يدفع الثمن من أول يوم يخضع فيه للعلاج، فهو يتقبل في البداية روتين المستشفى ـ المريض أصلا ـ والانتظار الطويل حتى يأتي دوره، هنا تزداد الأزمة حين يتعامل معه الكادر الطبي أو الممرض كنكرة، مما يؤدي حتما إلى الشعور بالعزلة والإحباط، مما ينعكس سلبا على الوضع الصحي والنفسي والاجتماعي للمواطن/المريض. وعلى هذا الأساس تتشكل قدرة الكادر الطبي أو الممرض على احترام قيم المريض والنظر إليه كإنسان لا كمريض مهمل من الدرجة الثانية وتحميله عبئ تملص الجهات المعنية والوصية على القطاع من أداء واجبهم في تنمية الحق في الصحة. وتحسين ظروف عمل الأطر والأطباء والممرضين. فإحساس المريض بمعنى المعاناة لا يرتبط فقط بالمرض الذي يشكو منه، بل يرتبط أساسا بفقدانه معنى الحياة. فأين هي مهارات الاتصال مع المريض؟؟. وأين هو الإنصاف يا كنفدراليي الصحة التنغيرية؟.     

لم تسلم الصحافة المحلية الحرة والمواطنة كذلك من هذه الانعكاسات السلبية فقد حملتها البيانات الصادرة عن فرع الكدش حصة الأسد في تأجيج الوضع، واعتدت على الجسم الصحفي المحلي ووصفته بأوصاف من قبيل: بعض ما يسمون أنفسهم بالصحفيين، الحملات الإعلامية المغرضة، لي عنق الحقيقة كعادتهم، تزييف الحقائق ونشر الإشاعات، إلى جانب الأساليب القمعية التي تعامل بها بعض العاملين بالمستشفى مع العديد من الصحفيين أثناء تغطيتهم للوقفات الاحتجاجية النسائية، وعلى إثرها أصدر الاتحاد المغربي للصحافة الإكترونية فرع إقليم تنغير بيانا مشتركا مع مركز تنغير للإعلام ينددان فيه بما وصفوه بـ : التنقيص والاستهزاء والتهديد والاستفزاز اللفظي المباشر، وهجوما على الصحافة والحق في الولوج إلى المعلومة. وأصدر أيضا المكتب التنفيذي للاتحاد المغربي للصحافة الإلكترونية بيانا أعلن فيه تضامنه المطلق مع الصحفيين المعتدى عليهم، واعتبر ذلك امتهانا لكرامة الصحافيين ومسا بحرية العمل الصحافي، ويستحق كل الاستنكار وكل التنديد.

كل هذه الأحداث والوقائع الموثقة اعتبرها مكتب فرع النقابة الوطنية للصحة بتنغير المنضوي تحت لواء الكنفدرالية الديمقراطية للشغل في بيان له أكد فيه أن اتهام الكنفدراليين بالاعتداء على الصحافيين مجاني وعار من الصحة. “فهمتو شي حاجة”.

 بهذا المنطق “منطق الدفاع عن الظالم” الذي تعامل به مكتب فرع النقابة الوطنية للصحة بتنغير المنضوي تحت لواء الكنفدرالية الديمقراطية للشغل مع هذه الأحداث يجعلنا نستنتج أن مواقفه ارتجالية ومتذبذبة، ولم تستوعب قيمة الحدث وسياق تمظهراته، ويكمن ذلك في أنه نظر إلى كل الوقفات الاحتجاجية، والمسيرات النسائية، والأقلام الصحفية التي كتبت عن الموضوع، والشعارات والشهادات والملف المطلبي للنساء، والحوار الذي أجري مع الجهات المعنية سراب في سراب، هو وحده مكتب فرع النقابة الوطنية للصحة بتنغير المنضوي تحت لواء الكدش من يمتلك الحقيقة المطلقة. وأن شغيلته تسبح في عالم الملائكة والطهرانية. إن هذا المنطق لدليل على ما تعانيه التجربة النضالية لفرع الصحة والواقع المريض لهذه الحركة النقابية، حيث تصطدم بالتحكم و الكبح البيروقراطيين، وضعف تقاليد التضامن، ما يؤثر سلبيا جدا على إمكانات التراكم النضالي و التنظيمي. أرجو ألا يكون هذا التردي النقابي بمثابة نتاج تاريخي لمميزات الوضع السياسي، و لخصوصيات هذه الحركة النقابية في طور نشوئها.

شيء من الإنسانية والإنصاف بارك الله فيكم. فكلنا كنفدراليون لكن ليس على حساب المصلحة العامة، فهنا تلغى كل الأيديولوجيات.عبد الحكيم الصديقي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.