كلنا مرضى

0 383

 

كلنا مرضى

في موطن بلا عنوان، في مغرب عميق عمق آباره التي تعاني ندرة المياه لتوالي سنوات الجفاف.

وما تبقّى من فرشاة مائية استنزفها منجم فضة من أرضنا، تُهرّب عائداته ليسبح في نعيمها غيرنا.

في كَفْر قفْر شُحّت فيه المستشفيات وتناثرتْ في أرجائه الصيدليات كما تتناثر الأوراق بشتى أنواعها، في الحملات الانتخابية.

كم من مريض نخرتْ جسمَه شتّى العلل لم يجد أمامه سوى سيارة  إسعاف مهترئة ، في الغالب الأعم تصل متأخرة، تنقله الى مستشفى بعيد ليلفظ أنفاسه الأخيرة في الطريق.

كم من امرأة حامل تئن و تتألم على وقع المخاض أمام باب شبه مستشفى وحيد. إن أسعفها الحظ و لم تفارق الحياة ، ترزق بمولودها أمام المارة و الباعة المتجولون..

كم من عليل يأتي الى المستشفى طلبا للشفاء فيرجع إلى بيته معاقا  نتيجة  خطإ طبي

كلنا مرضى…

في بلدة فيها صحة المواطن  تساوي الأصفار ، ننادي بمستسفى على بعد أمتار ولما لا مشيا على الأقدام، وملائكة  رحمة  كالفراشات. يوزّعن الإبتسامات على مرضانا وهذا أضعف الإيمان. لا ممرضات لا يتفنّنْن إلا في أساليب النهر و الشتم.

نحتاج إلى أطباء يقدسون مهنتهم و يضعون صحة المواطن فوق كل اعتبار. لا أطباء يعزلون أنفسهم في برج عاجي و يعتقدون أن الحضور الى مكاتبهم هو الواجب وفقط.

كلنا مرضى…   كلنا مرضى

في هذه البقعة الضيقة ، التي تقع جنوب شرق بعيد كل البعد عن مركز القرار،

أُصِبْنا بعاهات مزمنة أفقدتنا السيطرة و القدرة على مواصلة الحياة كأفراد يتمتعون بجميع حقوق المواطنة.

فالعزلة أضعفت و تهزل أبداننا ، و الفقر  في جحره يحكي عنا أغرب القصص  ، تحت بنية تحية هشة هشاشة  أصواتنا.

فالنخبة لدمائنا تمتص و نحن ننتظر أن تنزل عليهم اللعنة من السماء.

أنا مريض ، أنت مريض ، كلنا مرضى  و نحتاج الى إكسير من التعقل و قليل من الاستحياء من أنفسنا حتى نعود للحياة وتعود إلينا الحياة.

و بالمناسبة، فالمطالبة بالتعجيل لبناء مستشفى إقليمي بمدينة تنغير حق مشروع ،و نتمنى أن تجد الحملة الفيسبوكية التي أطلقت مؤخرا لهذا الغرض،  اذانا صاغية  هذه المرة…

فكلنا مرضى……

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.