امبلاتور الفيفا…

0 368

    من كان يعتقد أن زمن الأباطرة قد ولى إلى غير رجعة، فمخطئ أكيد.. ومن كان يتتبع الشأن الرياضي عموما، والكروي منه على وجه الخصوص، سيدرك، مما لا يدع مجالا للشك، أن إمبراطورا ما يزال على عرش أعلى مؤسسة كروية في العالم، أقصد “الفيفا”.            
   السويسري جوزيف بلاتر، ابن العقد الثالث من القرن العشرين، والذي جعل من الاتحاد الدولي قلعة محصنة يصعب على أي كان أن يخترقها، ينوي أن يترشح، ويفوز مرة أخرى، بسباق الرئاسة.. ويبدو أن السباق، من نوع المسافات القصيرة، لن يدوم طويلا، خصوصا أن هناك مؤشرات، تلوح في الأفق، تميل إلى مصلحة بلاتر، وتجعل فرصة بقائه سانحة للفوز بولاية أخرى. من بينها التأييد العريض الذي صدر عن بعض الاتحادات القارية والدولية، والتي رأت في بلاتر الرجل الأنسب لخدمة اللعبة.. مما يوحي أن ظهور منافس على مسرح الاتحاد أمر بعيد المنال، وغير متوقع في الوقت الراهن..

   الجدير بالذكر أن بلاتر تربع على عرش الفيفا منذ 1998، وأعيد انتخابه عدة مرات.. الشيء الذي يوضح أن الرجل ألف الجلوس على كرسي الرئاسة، ولا ينوي التخلي عن منصبه لرجل آخر ( في غياب تام لمرشحة )، يكون قادرا على ضخ دماء جديدة في شرايين الاتحاد..

  ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، شهر ماي القادم، أعرب العديد من مسيري الاتحادات القارية عن رغبتهم في اختراق قلعة الاتحاد المحصنة سلفا، وخلافة بلاتر في هذا المنصب.. ونخص بالذكر، التصريح الذي أدلى به رئيس “الويفا” الفرنسي ميشال بلاتيني بشأن قرار ترشحه للمنصب، إلا أنه سرعان ما عدل عن قراره، لعلمه منذ البداية أن المعركة خاسرة لا محالة، موقنا في الوقت نفسه أنه بصدد ارتداء قميص أكبر منه حجما..

 إلا أن المثير للجدل حقا، هو القرار الصريح الذي أعلنه رئيس الاتحاد الأردني لكرة القدم، علي بن الحسين، معبرا فيه عن مشاركته السباق نحو رئاسة الإتحاد. لكن الرجل لم يكن موفقا ولا مساندا من طرف الاتحادات الآسيوية (قطر، السعودية..) التي أكدت عزمها على دعم بلاتر، ودعت علي بن الحسين إلى إعادة النظر في قراره الذي وصفه البعض بغير المجدي، خصوصا أن مواقفها إزاء بلاتر ثابتة لن تتغير.. مما يوحي بأن هذا الأخير عن عرشه لن يتنحى قيد أنملة..

 كما أعلن، في وقت سابق، أيضا الفرنسي جيروم شابين ترشحه، مقتنعا في قرارة نفسه أن وقت التغيير قد حان، معتبرا أن الاتحاد الدولي يستحق أكثر مما حققه بلاتر، وبأعلى المستويات العالمية..

من الطبيعي، بناء على كل ما سبق، أن يتساءل المتتبعون عن الخلفيات الحقيقية التي تقف وراء الدعم العريض لبلاتر، فهل الأمر له صلة، حقا، بحجم العلاقات الأخطبوطية التي أقامها الرجل مع رؤساء الاتحادات الدولية والقارية؟ أم أن القضية لا تعدو كونها تمثيل للمقولة الشهيرة، ” الرجل المناسب في المكان المناسب”؟

 من المنتظر أن يعرض المرشحون برامجهم الانتخابية، وكذا اقتراحاتهم بشأن تطوير كرة القدم العالمية.. والأكيد أن السباق نحو الرئاسة ستحسمه التكتلات والتحالفات التي قد تخدم طرفا دون الآخر.. سننتظر عسى أن تكون النتائج في صالح كرة القدم المغربية..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.