حاجتنا إلى مشروع تربوي جديد

0 399

يعرف العالم بأسره جيلا جديدا من التحولات التي طالت كل مناحي حياة البشر وعلاقات الدول فيما بينها هذه التحولات التي كان ميلادها سريعا بعد ظهور ظاهرة العولمة التي أفرزت مجموعة من التغيرات مست جوانب مهمة في كل المجتمعات، ويعتبر المجتمع المغربي من بين هذه البلدان التي  تأثرت مفاصليها الأساسية  بهذه الظاهرة.

في هذا الصدد فقضية التربية والتكوين التي اعتبرها المغرب من الأولويات الأساسية في التنمية والبشرية والحجرية  تعرضت بدورها لتحولات بنيوية في السنوات الأخيرة تجاوزت الوثيقة الأساسية المطلوبة في سوق التداول التربوي والتي تعتبر مرجع أساسي لدى الفاعلين التربويون.

في هذا السياق نرى من الضروري طرح بعض التساؤلات من قبيل هل وضعنا قدمنا على عتبات المجتمع الحداثي المنشود؟ إلى أي حد استطاعت هذه الوثيقة التربوية مواكبة المستجدات التي يفرزها عالم اليوم؟ هل نجح الميثاق في أجرأة مضامينه أم العكس؟ وفي الأخير لماذا الدعوة إلى مشروع جديد؟.

قبل الشروع في محاولة الإجابة عن التساؤلات المطروحة سيكون من المنهجي أولا تقديم صورة أولية عن الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي لا يخفى أنه يعد دستور الإصلاح التربوي والنظام التعليمي في المغرب الجديد حيث جاء ليساير المستجدات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتربوية التي يعرفها هذا البلد وقد صدر سنة 1999 بعد سلسلة من الأزمات التي عرفها قطاع التربية.

من هذا المنطلق التبسيطي نستطيع القول أن ميثاق التربية والتكوين موضوع في صندوق ثلج وأصبح عاجز أمام التطورات التي يشهدها العالم والمتمثلة في الثورة المعلوماتية والتكنولوجية بالإضافة إلى عدم مراعاة الوثيقة التربوية للشروط الاجتماعية في الجانب التنزيلي فالعالم القروي ليس هو الحضري والعكس صحيح، هذا ما يبرز مشكل الأداء الميداني أو بالأحرى الأجرأة وقد أؤكد هذا العجز في مجموع الظواهر المنتشرة في الجسم المدرسي والتربوي عامة كانتشار النار في الهشيم من قبيل “العنف، الانحلال الأخلاقي، تدني مستوى التلاميذ، العمل بشعار دعه يمر دعه ينتقل،الهدر المدرسي لاسيما بالوسط القروي”.

أمام هذه التحديات والإكراهات يتضح بجلاء أننا لازلنا في بداية الطريق ولم ننطلق بعد نحو المجتمع المنشود وأننا في حاجة ماسة إلى صياغة جديد تتلاءم والتحولات التي تعرفها الخريطة العالمية لكوننا جزء من هذا العالم الذي صار اليوم أصغر من قرية.

بناء عليه نرى أن الصيغ المطلوبة اليوم يجب أن تكون في قلب الإصلاح الديمقراطي التي يعرفه المغرب حتى نضمن لبلدنا تعليما يشكل منصة لإطلاق سيرورة تاريخية نحو بناء مجتمع المعرفة والعلم والتقدم على خلفية رفع مستوى القراءة  ومراعاة التنوع الثقافي والتعدد الاجتماعي إلى جانب  ترسيخ القيم الانسانية النبيلة.

إن ما سلف بسطه يبرز بشكل جلي تلكم التحديات التي تواجه النظام التربوي والتي تعيق السير العادي للعملية التعليمية، ويبقى الأمل معقود على أصحاب القرار لإتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل مقتضيات الميثاق أو صياغة رؤية جديدة تواكب مستجدات العصر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.