بطاقة “الشرفاء” لا تعبر عن الشرف

2 487

           ركب بجانبي على متن سيارة  من مدينة مراكش في اتجاه مدينة أكادير, فتجاذبنا أطراف الحديث وتشعب بنا النقاش وقد صح القول   “الحديث ذو شجون”, لكن ما إن بدأنا الحديث عن موضوع المخالفات التي يقع فيها الكثير من الناس في الطرق وغيرها والمخالفة للقانون ,حتى برقت عين صاحبنا وازداد صوته ارتفاعا فأدخل يده في جيبه وأخرج بطاقة  مكتوب عليها”بطاقة الشرفاء” ,تهللت أساريره وبدأ يتبجح ويفتخر بمخالفاته المتعددة السالفة قائلا: أنا لدي بطاقة تمكنني من تخطي الصعاب وتجاوز الأزمات والتغطية على كل المخالفات فعندما أقع في مخالفة بالطريق العام مثلا أخرجها لمنظم المرور بالطريق سواء كان دركيا أو شرطيا فيخلي سبيلي خائفا متوجسا يترقب,ولا ينظر في مخالفتي أو يسألني عنها وبها تكون هذه البطاقة النفيسة بطاقة عبور و نجاة لنا. عندها استفزني ونظرت في وجهه وقطعت عليه نشوة الفخر والشعور بالفوز قائلا له: وبأي قانون تقوم بذلك وهل هذا هو “الشرف” الذي تدعيه وهذا هو النسب لأشرف الخلق أجمعين كما تزعم؟؟ إن الشرف الحقيقي هو اتباع محمد النبي صلى الله عليه وسلم والسير على خطاه واحترام القوانين والقواعد التي تنظم الدولة وتضبط مواطنيها ,بل إن الذي يدعي الشرف يجب أن يكون سباقا أكثر من غيره إلى احترام القانون  والحقوق وعدم التعالي على الناس بدون وجه حق… فبُهِت الذي تبجح وشعر في أعماقه بشعور خاص وبدا وكأنه رمي في ركام من الثلج,  جعله يعرف قدر الجرم الذي ارتكبه ولم ينبس بعدها ببنت شفة …؟؟؟ علما أنه كام ينتظر منا الإعجاب به وببطاقته وبطولته المزيفة؟؟؟ ونسي أوتناسى أن الله تعالى رد على عم الرسول صلى الله عليه وسلم ردا قاسيا رغم شرف نسبه لأنه خالف اللياقة والأخلاق الكريمة وأنزل سورة بشأنه تتلى إلى يوم القيامة بقوله تعالى:” تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5) سورة المسد.

     يعرِّفون الشرف بأنه  صفة تقيم مستوى الفرد في المجتمع، ومدى ثقة الناس به بناء على أفعاله وتصرفاته، وأحيانا نسبه، وفي تلك الحالة تصف مدى النبل الذي يتمتع به الفرد اجتماعيا.( من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة).ويعرفون كذلك أصحاب النسب الشريف لدى المسلمون هم من ينتسبون لنسل آل بيت محمد ، فيكونون من نسل الحسن أو الحسين، ويلقبهم المسلمون بالأشراف، وينتشرون في العديد من الدول العربية والإسلامية.( من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة),لكن هذا أبدا لا يجب أن يؤخذ ذريعة لفعل المحظور واقتراف المخالفات والتكبر على الأعراف والقوانين ؟؟؟ فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم. (صححه الألباني)

وحقيقة الشرف:
  • Ø     هي في الإيمان والعمل الصالح والتقوى وحسن الخلق,
  • Ø     هي في احترام القوانين والقواعد المنظمة للمجتمع وعدم تجاوزها,
  • Ø     هي في اجتناب كل محظور وترك كل بديء والامتناع عن كل سيء.
  • Ø     هي في الطُهر المادي والمعنوي ونقاء الذمة وشرف النفس, وفي الغنى عما في أيدي الناس.
  • Ø     هي في اجتناب الفساد والاستبداد وعدم استغلال النفوذ في قضاء المآرب وتحقيق المصالح الفردية.
  • Ø     هي في ادراك واستيعاب تماما أن الله تعالى لا يقبل الظلم والغي والجور من أي كان والعمل على اجتنابه.
  • Ø     هي في الانتساب حقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شرعه ومنهاجه والسير على خطاه حتى ملاقاة الله سبحانه.وعدم الاغترار بزعم الانتساب إلى آل البيت فآل البيت أكثر الناس احتراما للشرع والقانون,هم أهل التقوى وأهل الخلق العظيم؟؟؟!!!.

        وقد تأخذ هذه البطائق ونظائرها في عصرنا الحاضر تجليات أخرى رغم الإختلاف الحاصل في التسمية والشكل لكن الغاية واحدة وهي تجاوز القانون والاستعلاء عليه وعلى الناس لأجل أغراض ذاتية ,كمن يستغل منصبه أو هندامه ولباسه أو صداقته وقربه من الرئيس أو… في هذه الأغراض اللامشروعة؟؟

            وأختم كلمتي هاته بقوله صلى الله عليه وسلم ((مَن بطَّأ به عملُه، لم يسرعْ به نَسبُه)).) صحيح الترغيب والترهيب)؛ يؤكِّده قوله صلى الله عليه وسلم -: ((يا فاطمة بنت محمد اعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئا، يا صفية عمة رسول الله اعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئا، يا عباس عم رسول الله اعمل فإني لا أغني عنك من الله شيئا، لا يأتيني الناس يوم القيامة بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم، واعلموا أنه لن يدخل أحدكم الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل) رواه مسلم عن عائشة والنسائي عن أبي هريرة وأحمد والترمذي بألفاظ متقاربة..). فهو صلى الله عليه وسلم  الذي يُعلِّمنا ويربِّينا ألاَّ مجاملةَ ولا محاباة في الحقِّ أبدًا، وقد أدرك ذلك الصحابةُ الكرام – رضوان الله تعالى عليهم – فهم خِرِّجوا مدرسة النبوَّة المحمدية، فكان عمر بن الخطَّاب أمير المؤمنين – رضي الله تعالى عنه – إذا أراد أن يسُنَّ قانونًا أو تشريعًا جديدًا، جَمَع أهلَ بيته وقال لهم: هذا أمرٌ جديد، مَن خالفه منكم ضاعفتُ له العقوبة؛ حتى لا يتجرأَ أحد على حُرمات الله – تعالى. وها هو الله تعالى نفى ابن نوح عن أبيه عليه السلام ، لمَّا فارقه في العمل ، فقال : ( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ) هود : 42 .فمتى نستوعب الدرس ونتعظ وننتمي حقيقة وفعلا إلى رسالة وشرع ومدرسة محمد صلى الله عليه وسلم.؟؟؟

2 تعليقات
  1. تاكونيتي شلح يقول

    يأك.نتأ دراوي او هاداك شريف اوصافي راه.الفرق واضح او باين المهق

  2. الدكتور الصوصي العلوي عبد الكبير، دكتور في الحقوق يقول

    حقا استاذ آل البيت أكثر الناس احتراما للشرع والقانون,هم أهل التقوى وأهل الخلق العظيم، وهكذا يجب أن نكون … فقط يجب عدم الخلط بين النسب الشريف ، وحمل بطاقة شريف… حيث النسب ليس هو الشرف…. وحمل بطاقة شريف لا تعني الشرف… الشرف بالعمل الصالح واحترام القانون… أما النسب فهو لحمة شرعية بين الأب وابنه وبين الأبن وأبيه وجده وإن علا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.