سجين أنا بين دفتي لبوليكوب (2)

0 442

أنا طالب أدرس، لا يهم في أي مستوى أدرس، أستيقظ كل صباح، إن كنت طبعا ذا همة، أما إن كان العكس، فلا أستيقظ الا مع أذان العصر، ليس من أجل أداء هذه الشعيرة المقدسة، وإنما لأبدأ يومي بعينين محمرتين وروائح كريهة تشمئز منها القطط، لأني لم أنم الا مع أذان الفجر، فأنا لحبي لصوت المؤذن أوقت نومي واستقاظي معه، ستتساءلون أين أقضي الليل كله، أقضيه في المستنبت إن كنت طالبا في إحدى كليات أكادير أو في شارع الطلبة إن كنت أدرس في مراكش، أو في الحانات أو في المقاهي ولما لا في بيوت الدعارة…لا يهم.

ثم بعد ذلك أقضي حاجتي، أفرغ معدتي ومثاني مما تكدس فيهما من فضلات, لا أردد الأدعية المأثورة في مثل هذه الأماكن, وإنما أدلف الى دورة المياه كقطار أصم لا يتوقف الا في نقطة محددة, وبعد أن أقف أمام المرآة ربع ساعة أو أكثر لتسريح شعري وفق أحدث التسريحات المعروفة في عالم الموضة أو عالم كرة القدم ولما لا في عالم التمثيل, المهم تسريحة أحقق من خلالها ذاتي وأثير بها الجنس الآخر, ثم أختار من الألبسة المكدسة في حقيبتي ما يلائم هذه التسريحة ,لتكتمل الشخصية التي أتخيلها لنفسي خارج شخصيتي الحقيقية, لأرسل بعد ذلك رسالة قصيرة من هاتفي النقال أقول في مطلعها ,’ أفينك الحبيبة ديالي واحد 10 دقايق أنكون عندك’, أتدرون من تكن هذه المسكينة التي ناديتها بالحبيبة ديالي؟

إنها طالبة تدرس مثلي في إحدى المستويات الدراسية الجامعية، تمكنت من التغرير بها ورميها في شباك صيدي المنشورة يوميا، طبعا أنا لا أتقن كل أساليب الصيد المعروفة لكن اعتمدت على كتاب اسمه ’’ كيف تكون أكبر صياد للفتيات في خمسة أيام’’ يا ترى هل يوجد كتاب بهذا العنوان؟ لا أخفيكم سرا أنا لم أطالعه وأشك في وجوده أصلا.

أنا أعرف أن أغلب القراء متشوقون لمعرفة كيف كان اللقاء، اللقاء كان مليئا بتعابير الحب الكاذبة ولم يخلو من الهمس واللمس، بل تجاوز هذه الأمور الى ما هو أكبر منها، ولولا أن قلمي لم يطاوعني لحدثتكم عن ذلك بتفصيل لا تملون منه أبدا، بل ستزدادون رغبة في متابعة الأحداث، لكن ورقتي استحت من أن تستقبل هذه اللقطات التي يندى منها الجبين، عجيب أمري أيستحي القلم والورقة ولا أستحي أنا؟

مثل هذه المغامرات الرائعة غالبا ما أحكيها لأصحابي من الطلبة ورأسي مرفوع نحو السماء في خيلاء وافتخار ظاهرين وكأني بطل قد عاد للتو من معركة منتصرا مرفوع الهامة وأنسى أني ارتكبت جريمة من نوع خاص وأغضبت الله سبحانه.

أتدرون لو كان شرع الله مطبق في بلدي ماذا كانت ستكون العقوبة لو طبقت، إنها مائة جلدة تنسيني طعم تلك اللذة العمر كله، لكن في انتظار تطبيق هذا الشرع -أنا أشك في ذلك-سأظل على حالي أنتقل من فتاة الى أخرى كذئب يلدغ هذه الشاة ثم ينفر منها ليبحث عن أخرى.

نسيت أن أوجه شكري الخاص لليهود والنصارى -وأدعو الله أن ينتقم منهم- هؤلاء الأخساء اخترعوا وسائل مانعة للحمل من حبوب ولولب وواقيات طبية ذكورية وأنثوية, مكنتني ومكنت غيري من تحقيق رغباتنا الحيوانية دون خوف من انتقال مرض ما الى أجسامنا من زهري وايدز وأمراض أخرى آتية لا محالة إن لم ننتهي نحن المسلمين من ارتكاب هذه المحاذير, كما أنهم منحوا فرصة سانحة للفتيات لتلبية غرائزهن دون خوف من وقوع حمل غير مرغوب فيه وهروبا من تهمة الأمهات العازبات، إنهم أحسنوا العمل- قبحهم الله- عندما جعلونا كالقردة نلهو بأعضائنا التناسلية ونسير خلفها كلما نادتنا غرائزنا لتلبيتها.

أتدرون أني لن أتزوج حتى أبلغ من العمر عتيا لأنني لم أعد أتق في الفتيات، إذ كلما أشرت لواحدة منهن بغمزة عين أو بإشارة بنان الا وتتبعني، وفي كثير من الأحيان لا أتكلف ذلك، إذ الفتاة من تكن المبادرة، كيف تريدونني إذن أن أتزوج وأنا قد جربت جميع أصناف الفتيات؟

لماذا سأتزوج وأنا كلما أحسست بفوران غريزتي الا وأترك وكري كثعلب ماكر لأبحث لي عن أنثى هي الأخرى تبحث عن ذكر لتلبي رغبتها، لماذا أترك هذه الجنة-أستغفر الله-لأسجن نفسي في مسؤوليات لا تنتهي، مسؤولية زوجة، وبعد فترة قصيرة مسؤولية أبناء وبيت، وسين وجيم من زوجة كلما انشغلت عنها خارجا الا وأجدها قد أعدت لي ملفا من الأسئلة والنقشات العقيمة.

حتى لو قررت أن أتزوج، فليس من السهل أبدا أن أجد” بنت الناس” التي تستطيع أن تركب معي فلك الزوجية بصبر ومثابرة وتحمل لمسؤوليات الأبناء والبيت ومشاكل الحياة التي لا تنتهي، لنفترض أنني وجدت ما أسميها بنت الناس ماذا سأطعمها، بل أين السكن الذي سنأوي اليه، بل أين الوظيفة التي ستمكنني من ذلك، بل أين الأسرة التي ستقبل على طالب موجز، لا وظيفة له ولا بيت، لازال عالة على أبيه وأمه؟

أيها الطلبة لقد تعبت تعبا شديدا كما تعب الكثير منكم من حياة الحيوانات هاته، أكل، وشرب، وتناسل، وكأن الحياة لا تقوم الا على هذه العناصر الثلاث، وليس فيها أخلاق وشرائع ربانية, أبينا الا أن نغض الطرف عنها لنسير وراء غرائزنا دون وقوف عند حدود الله، نريد من المجتمع أن يغير نظرته للطالب على أنه ذلك الشخص التافه الذي لا يحسن الا أن يقضي سنوات طوال داخل أسوار الجامعة دون نتائج تذكر، طالب لا يتقن الا عبارة أعطيني يا أبي هاتي لي يا أمي, نريد طالبا يتحمل مسؤولياته ويضع نصب عينيه أهدافا كبيرة جدا, طالبا مبدعا مطلعا على تجارب عالمية, كتجربة المهدي المنجرة, إبراهيم الفقي وآخرون ..!

أنا طالب أدرس، لا يهم في أي مستوى أدرس، أنا طفل ضخم الجثة، لا زال الوالد من يعيلني، أرسلني هذا الأخير لتحتضنني الجامعة بعيدا عنه لأربع سنوات أو أكثر، كلما سألني عبر الهاتف هل كبرت يا ولدي، أقول لا يا أبي لازلت صغير العقل كبير الجثة، فيقول الوالد لماذا لا يكبر عقلك يا ولدي وتصغر جثتك، فأقول يا والدي وهل مسجون مثلي بين دفتي لبوليكوب سيكبر…؟!

                                                                                                                 يتبع…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.