تأثير وسائل التكنولوجيا على الرابطة الاجتماعية

0 390

مرت الإنسانية عبر تاريخها بمجموعة من المراحل، وتميز كل عصر منها بخصائصه و أنماطه الخاصة. ولعل الإنسان و علاقته بالتقنية، أصبح بؤرة النقاش الابيستيمولوجي المعرفي، و محط أنظار المفكرين و الفلاسفة.

يمكن التمهيد لهذا النقاش، باستحضار المسار التاريخي للتقنية،باعتبارها مجموعة من الوسائل و العمليات والإجراءات المحددة تحديدا دقيقا، والقابلة للنقل والتحويل والرامية إلى تحقيق بعض النتائج التي تعتبر نافعة. وكانت البداية مع التقنية الجسدية وصولا إلى الأذاتية ثم الآلية واستقرارا بالتقنية التكنولوجية الحديثة بأشكالها و أنماطها المتنوعة. هذه الأخيرة أمست تشكل الشغل الشاغل لكل دول العالم الفقيرة منها و النامية و المتطورة كذلك.

أضحى الكل يغوص في بحرها (التكنولوجيا). فتحركه و يحركها وفق ما جادت به البحوث العلمية، و الاكتشافات المعرفية. وأضحت البشرية تعاين الجديد في الآلة الذي يقوم مقامها، و يعوض دورها الإنساني. ومجتمعنا المغربي كذاك لم يسلم من بطش التكنولوجية من جهة، و فوائدها من جهة ثانية.

ربما قد أكون أطلت في التمهيد والتأطير لهذا النقاش،وذلك راجع إلى التداخل المعرفي في علاقة الإنسان بالتكنولوجية و وسائلها. فكيف أثرت هذه الأخيرة على الثقافية المغربية؟ و هل تعمل وسائل التواصل الاجتماعي على الحفاظ على الروابط الاجتماعية أم تقوم بقتلها بدريعة اختصار الوقت؟

أين يتجلى تأثير الوسائل التكنولوجية في العلاقة الاجتماعية داخل العائلة أو الأسرى المغربية ؟ هل حقا الإنسان يتحكم في التقنية أم أمست تتحكم فيه و تسيطر عليه؟

و أنا أخط هذه الأحرف بجانب أقاربي و أصدقائي في البيت الواحد. استفزني هذا التأثير الخطير للتكنولوجيا، بحيث أصبح كل واحد منا يعيش في عالمه الخاص، رغم قربه الفيزيقي و المكاني، حتى الأطفال و صغار العائلة، في غاية التركيز و مشاهدة التلفاز، و أمسى الصمت يخيم على المكان. ماعدا صوت رنات الهواتف النقالة،أو الرسائل الناتجة عن برامج التواصل الاجتماعي ( whatsap،viber messenger،…) و الخطير في الأمر هو أنني أكتب كلمة و ألتفت لهاتفي الذكي كي أرد التحية، أو أقرأ أخر ما وضع في المواقع الاجتماعية .

لقد وجدت نفسي أغوص في التوجيهات التكنولوجية، رغم أنني أتبادل التحايا لكن الأكثر حضورا هو أنني أعيش في عالمي الخاص، مثلما ما يعيشون من حولي في عالمهم .

إن كل هذه الأمثلة، تؤول إلى كون التكنولوجية بوسائلها المتعددة، تساهم في تحطيم الجانب الإنساني العاطفي الشعوري للفرد، و تحد من الرابطة الاجتماعية . لا أنكر أنها تجعل المسافة أقرب من ذي قبل، لكن أؤكد أنها تشييء وتجعل الإنسان يسير وفق ما هو مخطط له سلفا. و بالتالي فعقل الفرد، و ذاته أصبحا مجالا محدودا و مقيدا بما أرادته التقنية، التي حلت محل الإبداع الإنساني و أسست لثقافة آلية جديدة، ذات أهداف اقتصادية خالية من المحتوى الإنساني.

إن هذا النقاش أصبح يشكل نقطة معرفية، تلامس ظاهرة من بين الظواهر الناتجة عن تأثير وسائل الاتصال و التكنولوجية، التي لا ننفي فوائدها على حساب سلبياتها و تأثيرها على الثقافة المغربية خاصة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.