العدالة والتنمية ينهار تنظيميا بتاكونيت

2 430

العدالة والتنمية التي كانت ” خير أمة أخرجت للناس” قد أصبحت منحوسة كما لو كانت هناك لعنة سماوية تطاردها، وأصبحت الآن في تاكونيت ” رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون”، هناك إذن شعور عارم باغتراب المواطنين عن العدالة والتنمية بتاكونيت والتي منحوها أصواتهم وثقتهم المطلقة، ووراء هذا الشعور هناك واقع يعبر عنه مثل مغربي يقول ” أولاد عبد الواحد كلهم واحد” .

كارثة إذن تلك التي تعيشها ساكنة تاكونيت هذه الأيام، هذه الأخيرة التي لم تكن تتوقع أبدا أن يسقط أعضاء المكتب المحلي لحزب العدالة والتنمية في الصراع على الكراسي بعد أن قدمت لهم رئاسة المجلس القروي فوق طبق من ذهب بتوافق من كل الفرقاء السياسيين .

تعود وقائع هذه الأحداث كلها إلى ما قبل اقتراع 4 شتنبر قبيل خروج حركة احتجاجية ضخمة لم تعتدها تاكونيت في مظاهرات ومسيرات احتجاجية للتنديد بالمجلس القروي المنتهية ولايته والذي توارثه حزب التقدم والاشتراكية لثلاثة ولايات متتابعة في شخص رئيس واحد عمر فيه طويلا والذي فشل في حل الملفات الخمسة( الصحة- تيسير -العمران – توفير الماء الصالح للشرب- تبليط الأزقة والإنارة العمومية) هذه الحركة أفرزت فيما بعد تكتل سياسي مكون من أحزاب العدالة والتنمية والاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والوسط الاجتماعي، وبالمقابل شكلت الساكنة بمعية الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلة لجنة مكونة من مناضلي المنطقة و بعض أعيان المنطقة تحالفا واحدا مع هذه الأحزاب أطلق عليه رياح التغير،هذا التحالف أفرز بدوره خريطة سياسية جديدة بعد اقتراع 4 شتنبر الذي نالت فيه العدالة والتنمية إحدى عشر مقعدا منفردة بالصدارة، واحتراما لإرادة الساكنة قرر التحالف إعطاء رئاسة المجلس القروي للعدالة والتنمية في شخص السيد عبد الرحيم العثماني الذي نال توافق الفرقاء السياسيين، ولأن لعبة الكراسي معقدة ومغرية انقلب أعضاء من حزب العدالة والتنمية على التحالف وعلى رئيسهم المنتخب بدعوى أن هذا التنصيب يخالف قرارات الحزب الذي حدد مسبقا من سيتولى رئاسة المجلس، وبعد مفاوضات مراطونية انتهت اجتماع التحالف بانسحاب نصف أعضاء حزب العدالة والتنمية ، ليقرر الجميع بمن فيهم من تبقى من العدالة والتنمية إعلاء مصلحة البلاد والعباد فوق الاعتبارات الحزبية وخلع رداء الأحزاب والاديولوجيا والتكلم بمنطق أبناء المنطقة والاحتكام إلى الاقتراع السري لاختيار الرئيس الجديد، وقد اشترط في هذا الاقتراع أن يشارك فيه المرشحون فقط والذي انتهى بفوز ممثل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بأغلبية مطلقة على كل من مرشح الاستقلال الذي حل ثانيا ومرشح العدالة والتنمية الذي حل أخيرا.

لم تكد تمر سوى ساعات قليلة على اجتماع التحالف حتى انتشرت فضيحة العدالة والتنمية كالنار في الهشيم، الكل أصيب بالصدمة ، فالجميع يعرف قوة الحزب تنظيميا والجميع يشهد له بنزاهته، ولكن ما وقع وضع العدالة والتنمية في حسابات ضيقة خسر بسببها قيادة هذه المرحلة التاريخية بتاكونيت.

وفي تطور خطير اعتبره التحالف انقلابا على شرعية المجلس الجديد وانقلابا على قرارات التحالف وضع مرشح العدالة والتنمية ترشيحه لرئاسة المجلس لدى السلطة، بعد تعرضه لضغوطات من الحزب والقبلية ممثلة في شخصيات نافذة في المنطقة وبتواطؤ واضح مع بعد الشخصيات المحسوبة على الرموز القديمة التي فشلت في تدبير الشأن المحلي، من المؤكد أن الجميع لم يتوقع أن يلجأ الحزب إلى التحالف مع حزب التقدم والاشتراكية ورموزه القديمة التي خرجت العدالة والتنمية سابقا في الحركات الاحتجاجية ضده متهما إياه بأنه حزب الفساد والمفسدين، فما دلالات هذا التحالف ؟ ولم كل هذا التشابه في الأساليب والصيغ والأفاق؟ وما هي التنازلات التي قدمتها العدالة والتنمية لهؤلاء؟ ولماذا لم تختر المعارضة النظيفة بدل التحالف مع من تنعتهم سابقا بالمفسدين؟

كلها أسئلة جعلت الساكنة في صدمة، لأنهم اكتشفوا أنهم انخدعوا بأوهام وأن القديم أقوى من الجديد، وأنهم بعد كل الصراخ الذي استنزفوه في الشارع والأصوات التي قدموها للعدالة والتنمية أنهم إلى الوراء عائدون وأن القديم ينتقم منهم، وأن الفاعل قد تحول إلى مفعول به ومضاف إلى غيره ومجرور إلى مصير لا يليق به.

في السياسة إذن من لا يمارس أي نشاط في صالح مثله العليا يصبح يمارس الآن نشاطه لمحاربة تلك المثل، وبالتالي ليس هناك حزب أشرس من الحزب المصلح الفاشل وليس هناك عدو أقسى من الأحزاب الفاسدة من الأحزاب المدجنة، في هذه الحالة لا تنهار العدالة والتنمية فقط بل يقع مسخها وتشويهها.

الجميع كان يتوقع معارضة نزيهة وقوية بزعامة العدالة والتنمية ، ولكن لا أحد توقع أن ُتسقط العدالة والتنمية مبادئها لنيل الكراسي، ولا أحد أعتقد أن تصطاد في الماء العكر، نعرف جيدا أنه لا شريف في السياسة ولكن كنا نرجوا أن ترقى العدالة والتنمية إلى مستوى تطلعاتنا وألا تنهار بهذه الطريقة المهينة.

2 تعليقات
  1. اإسماعيل يقول

    عجبا لكم يا أهالي تاكونيت بعد تلات ولايات لرئيس السابق الذي لم يقدم أية إصلاحات للمدينة إستيقظتم من سباتكم لتنادون بالتغيير وهو ما تحقق لكم لكن لم تجدو الشخص الأنسب بفيادتكم الى الأمام وذلك ناتج للقبلية التي تسود تاكونيت سجل يا تاريخ هذه هي أعجوب الثامنة بعد العجائب السبع في العالم .

  2. غيور يقول

    إن التعبئة الخاطئة وتضليل الرأي العام أكبر دليل على التربص ضد
    حزب العدالة والتنمية. فالواقع المر الذي تم التعليق عليه في اختيار رئيس الجماعة القروية بتاكونيت فهناك فعلا خطأ صدر من
    أحد الأعضاء. وهكذا اتخذ المكتب الإقليمي للحزب قراره بضرورة
    تحكم منطق العقل .وإعادة النظر في قضية محلية تاكونيت وفعلا
    مرت الأمور بتوافق من جهة المجلس وديموقراطية الموقف أن تكون معارضة بناءة بدون تحالف حيث أن هناك 7 أصوات لصالح الحزب. وامتناع 4 عن التصويت هم من أنصار الرئيس السابق. أما الرئيس الحالي ولو أنه ينتمي لحزب آخر فإنه في المستوى ونتمنى له التوفيق والنجاح في اشغاله.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.