الطفل المغربي بين مؤسستي الأسرة والتلفزيون أية علاقة بينهما؟

0 389

إن الدور الذي بات يلعبه التلفزيون في التربية لم يأت من فراغ؛ بل هناك من الأسباب الموضوعية ما يدعو لذلك، وهذا من دواعي الذي جعلني أبحث عن إمكانية ملامسة هذا الموضوع حول العلاقة التي تجمع بين مؤسستي الأسرة والتلفزيون في تنشئة أطفالنا ـ المستقبل الذي نراهن عليه ـ إذن.

مما لاشك فيه أن الوالدين هما بشكل عام الأكثر تأثيرا في تشكيل شخصية الطفل في المراحل الأولى من حياته وهما البنك المعرفي الذي يزود الطفل بالمعلومات، ويرد على تساؤلاته واستفساراته عندما يحاول أن يفهم ما يدور حوله، وينعكس ذالك إيجابيا على الكفل، فالاحتكاك المباشر مع الطفل يجعل الم أكثر إحساسا ودقة ومعرفة بالتغيرات التي تطرأ على طفلها.

لقد أخذت العلاقة بين أفراد الأسرة شكلا مختصرا بدخول التليفزيون إلى منازلها واتساع المساحة الزمنية المخصصة للبث، وصار بإمكانها، من خلال التحكم عن بعد، التنقل بين القنوات المتعددة كما تشاء، وأصبح هذا الضيف يفرض نفسه بإلحاح على سهراتنا العائلية الحميمية وأصبح التلفزيون ثالث الأبوين، وربما أولهم بالنسبة للطفل، ومع الأسف فإن الأبوين كثيرا ما يدفعان الأطفال في هذا الاتجاه تهربا من المسؤولية الملقاة على عاتقهما، أو لإلهائهم وضمان هدوئهم؛ وبذالك تضاف إلى هذا الجهاز وظيفة أخرى هي وظيفة ” جليس الأطفال”.

وبهذا أصبح التلفزيون عضوا مهما داخل الأسرة، وفرض نفسه بشكل ملفت بات يتمتع بمكانة خاصة، إنه يحظى بكل العناية والتقدير ويحاط بالرعاية والاهتمام المنقطع النظير… فقد غدا اليوم بلا منازع، أقوى وسيلة إعلامية ذات قدرة فائقة على النفاذ إلى كل البيوت فهي قادرة على تشكيل الذهنيات وإعادة إنتاج المجتمع والتحكم في توجهاته الراهنة والمستقبلية.

إنه بفعل التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي شهدتها الأسرة المغربية، وتراجع الوظائف والأدوار التي كانت تقوم بها لصالح الدولة والمؤسسات الخاصة، فإن التلفزيون بات يحتل موقعا متميزا داخل فضاءات البيوت لعله يمثل تعويضا لا شعوريا عن انهيار السلطة الأبوية التقليدية وتلاشي دور الجدة بالنسبة إلى الصغار…. وبالتالي فإن الطفل الذي يظل وحيدا ولمدة طويلة يشاهد التلفزيون، ولاسيما البرامج العنيفة لن يكون سعيدا، وهذا كله يتوقف عند فعالية الأهل ومدى مراقبتهم وتوجيههم. فلا بد من سيطرة الأهل بالتفاهم مع الأطفال على التلفزيون، ومساعدتهم على فهم واستعاب ما يقدم لهم ومن ثم الاستفادة مما يشاهدونه.

ختاما لابد لنا أن نتساءل عن كيف استطاع هذا الضيف أن يتحول إلى عنصر مألوف لدى جميع أفراد الأسرة؟ كيف تمكن من مشاركة الأسرة ومزاحمتها في تربية وتنشئة أطفالها؟ وكيف عمل على تهميشها تدريجيا ؟ وما هو النظام الجديد الذي خلقه في فضائها؟.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.