قضــــــية ” جُــوجْ فْــــرَنْكْ ” وَسُـــــــؤال ” أيــــن الثَّـــــروة ” ؟

0 380

طرح الإعلامي محمد التيجيني، وهو صحفي بالقناة الأولى المغربية، حوارا تلـفزيونيـــا مع الوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن ، شرفات أفيلال ، في موضوع ” اقتصاد الريـــــــــع في المغرب ” وعن رواتب البرلمانيين والوزراء، ومسألة تقاعدهم من الوزارة والبرلمان مدى الحيــاة، وقد أثـــــــارت فيه قضيّة ” جوج فرنك ” جدلاً واسعًــا و زوبعة من التهكُّمات و الانتقادات لدى عموم المغـــاربة وهو مؤشــر يدنوا نحو أن الوضعية الاجتماعية لمواطني ” الممــلكة المــعدنية ” ليست على ما يُـرام وتبـــــعث بــالـــقـــلــــــق.

   ونعتقد أن أصول وفصول هذه القضية ظهرت ٱبتداءًا من 1973م في سيــــاق سيـــاسي وتــــــــاريخي يعود إلـــى أيــــام المحـــاولات الانقلابية على نظــــام ” الحسن الثــــاني ” وفي حينه بــاشر المخزن العميق بإحاطة موظفي الدولة الكبـــار، من جنرالات و وزراء وبرلمانيين ومسؤولين ساميين، بسياج من الأجور الضخمة والامتيازات والتعويضات الخيالية، تفاديا لأي محاولة انقلابية محتملة منهم . ويمكن أن نشير إلى معطى ينحصر في كون الدولة العميقة بالمغرب تتحفظ في وضع ملف ” اقتصاد الريـــــع ” لنّقـــاش العمومي لأنه يرتبط بالعـــائلات الكبرى المعروفة كذالك بــ” حـــاشية السلطــان ” وهو مفهوم تـــاريخي قديـم يُقصد به المقربون من السلطان ، والحاشية بالمفهوم السياسي الحالي، هم النواب والمستشــارين والوزراء… ويمكن أن نردف بمعطى ينحصر في كون ” اقتصاد الريع بالمغرب ” يندرج ضمن قضايا التوافق السياسي بين مكونات المجتمع السياسي المغربي بأحزابه و برلمانه وحكوماته المتعاقبة منذ 1956م و هو ملف يرتبط إلى عهد قريــــب بقضية ” شركة أمــــانديس الفرنسية ” التي جعلت رئيس الحكومة ” بــنكــيران ” يتهم أهـــــالي الريف ” بالفتنــــة ” في انتفاضتهم ضدّ الشركة الفرنسية والمطرودة في العديد من الدول ، فتهمة ” الفتنـــة ” أمر طبيعي بالنسبة لدولة لا تحترم مواطنيــــهـــا.

     رغم أن قضية ” جوج فرنك هذه المرة ترتبط بنواب الأمة المعروفين لدى مجموعة واسعة من المغــاربة بــ” نُــــوام الأمة ” في قبة البرلمان ، فتكلفة البرلمانيين فــقط في تنقلاتهم دون احتساب رواتبهم الضخمة تصل أحيــانـــا إلى أكثــر من 40 مليار سنتيم سنويـــــا، ومعاشاتهم العمرية تصل إلى 1000.00 درهم سنويــــا ،،و مـــا خفي أعــــــظم ، خصوصا إذا كان المغاربة لديهم دراية حول العائلات الكبرى وتـــاريخها في دهاليز السياسة والمـــال والنفوذ ابتداءًا من السياسية التي رسمها الفرنسيون منذ 1906م ، يكفي أن نذكر بعض من الذين يملكون صحو البلاد بمعــادنهـــا وفسفاطهـــا كمصطفى التراب وهو المدير العـــام للمكتب الوطني الشريف للفسفـــاط ويتقــاضى 30 ألف دولار شهريًّــــا وهو ضِعف 12 مـــــرّة أُجْــرَة رئيس جمهورية الصين، ثـــاني قوة اقتصادية في العــالـم  ”شـــي جـــين بينغ ” الذي يتقـــاضى 30 ألف دولار سنويـــا، لاحظوا معنــــا إذن الدول التي تحترم مواطنيــهــا .

   إن قضيّة ” اقتصاد الريع بالمغرب ” لهـا مهندسون ومخططون منذ الخريطة السيـــاسية التي رسمهــا الفرنسيون ابتداءًا من 1914م، يكفي أن نذكر الجنــرال ”المــاريشــال لـــيوطي ” وهو صاحب المحمية الفرنسية ” بالمغرب منذ 1912م و التي يديرها أصدقـــاء فرنســـا، ٱبتداءًا من 1914م خصوصا بعد خطابه الشهير الموجه إلى العائلاتِ الكبيرة عام 1916م : ” إنَّ المراتب القديمة سيتمُّ احترامها، وأنَّ من كانُوا الآمرِين سيبقون فِي كبير منزلتهم، كمَا سيبقَى المأمورُون مدعوِين إلى الامتثَال والطاعة”.

     إن هذا المعطى سيجعلنـــا نفـــهم لمـــاذا اعترضت الوزيرة ” شرفات أفيلال ” على نفظ الغبــار عن ” اقتصـــاد الرّيـــــــــع ” وتهريب الأموال ، فهنــالك تقرير انتحلنـــاه من منظمة “غلوبال فينونسال أنتيكريتي” لعــــام 2015م و التي تهتم بشؤون النزاهة المالية والاقتصاد، وحسب هذه الأخيرة فقد تـــمّ تهريب حوالي 41 مليار دولار بين سنتي 2004م و2013م، كما تم تسجيل مبلغ 5 ملايير دولار ما بين سنتي 2005م و2008م، مما جعل المغرب يتبوأ المركز 34 من أصل 149 دولة من حيث الأموال المهربة سنويــا، كما أشـــار نفس التقرير أن حجم الأموال المهربة من المغرب بشكل سنوي يُقارب في المتوسط 4 مــلايـير دولار، وربطت المنظمة ظهور هذه الأرقام المخيفة، إلى لجوء المهربين لطرق غير مشروعة أبرزها الفواتير التجارية التي تسمح بتهريب 3 ملايير دولار سنويــا ، ، وهو نفس الملف يرتبط كذلك بـــقضية ” التقريــــــــــــــر الذي رفعه إدريس جطّـــــــــــو رئيس المجلس الأعلى للحسابات 2013م ـــ 2014م إلى وزارة العدل ويضم 37 ملف فساد مالي بمؤسسات عمومية للدّولة ،ولن تستطيع لا وزارة العدل ولا الـجـيش أن تتحدث عن هذا الملف لأنه ” غـــــــــــــــول وسرطان سيــــاسي قديــــــــــــــم” عَمّــــر بــالإدارة المغربية منذ أن إحتفظ المخزن للفرنسيين لمنــاصبهم ونفوذهم السياسي إلى يومنــا هذا ، يكفي أن نذكر ”جـون غـــابريــال” الذي جدّد له المخزن منصبه في إدارة قطاع المعادن في دجنبر1956م وهو الصديق السيـــاسي ” للعــائلات المحمية الكبرى ” وهذا المعطى يجعلنــا نفهم تعـــاقب آل الفـــاسي والدويري والتْـرّاب وبن خضرا في إدارة قطاع المعادن والفوسفــاط والصيد البحري ، وهم ” أصدقـــاء فرنســـا القدامى ” الذين قدّموا وثــــيقة 1934م إلى وزير الخارجية الفرنسية ” بيير لافال ” بباريس يطـــالبونه بــإحترام معــــاهدة الحمــاية : صــــــفقة فــــاس1912م ، وهي نفس العـــائلات التي ترتبط ”بصفقة إكس ليــبـــان الكبرى 1956م : صفقة تحتفظ بمعـــالم الريع الإقتصادي والسيـــاسي والنفوذ الفرنسي ” وســـارية المفعول إلى يومنــا هذا ، وهو ما سيجعل الرئيس الفرنسي ” فرونسوا هولاند ” أن يقـــــــــــول خــــلال زيـــــارته الأخيـــــــرة شتنبر 2015م ” أن المغرب بلد جميـــــــــــــــل ” فربّمـــا يزكي قضيّة ”العشــــــق ” الذي يقدسه السياسيون الفرنسيون وأصدقـــائهم بالمغرب منذ زمن بعيـــــــد ، وهو ما دفع وزير الخارجية الفرنسية في مارس 2014م ” لوران فابيوس ” أن يصـــــف دولة المغرب بــ” العشيــــــــــقة ” وهو تصرىح سيـــاسي خطيـــر ، وسَيَحْبس المغـــاربة أنفــــــــاسهم لو فتحت الدولة سجلاّتها وأرشيفهــا القديم في وجه عموم البـــاحثين ، لكشف عن مــا يجعل الســـاسة الفرنسيين يدلون بهكذا تصريحـــات التي ربمـــا ترتبط بــقضية ” ليـــوطي ” والمحمية الفرنسية .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.