اهل المغرب العميق او اهل القاع

6 456

عندما كتب جابرييل غارسيا ماركيز روايته الشهيرة”اهل القاع” متناولا بالتشريح اوضاع جزء من بلاده ومبرزا التناقضات التي تطبع معها الناس و اصبحت من الضروريات انبرت اقلام متقديه مستبعدة وجود ذلك النوع من الحياة التي لا يستطيع انسان تحملها وبالتالي نسبوها الى خياله الواسع.لكن بفعل التعرية الاعلامية ظهرت امور ماكان العقل ليصدقها,واصبح ما كتبه غارسيا ماركيز يمثل القليل من الكثير.واهل القاع هم اولئك الذين يعيشون مع الرواسب بل هم الرواسب انفسهم,فقاع الشيء او قعره هو اقصى حدود الشئ.ولقد افلح ذلك المسؤول المغربي الذي اراد ان يخفف من وقع عبارة”المغرب غير النافع” فاستبدلها بكلمة”المغرب العميق”ظانا منه ان تعويض العبارات بعضها ببعض سيخفف من مدى عمق الغبن الذي يشعر به مغاربة العمق والذين يعرفون ان التنمية لن تأتي بالعبارات وانما بابداء الاهمية والرغبة في تحقيق عدالة اجتماعية طالما افتقدها الجميع.ان المغرب العميق هو اسم على مسمى,فعمق البحر لا يعرف اشعة السمش وتسكنه الرطوبة,كذلك عمق المغرب,يسكنه الفساد والرشوة والمحسوبية والزبونية ونهب المال العام جهارا وبدون اي رقيب او خوف من العقاب,القانون فيه لا معنى له الا اذا سمع المسؤولون ان لجنة من عاصمة المركز ستزور المغرب العميق عندئذ يحضر الفاسدون المساحيق لاخفاء اثر التجاعيد,يحضرون مختلف الالاعيب والمراوغات معززة بالهدايا لاخفاء السرقات التي اصبح يعرفها الامي الجاهل ناهيك عن الذي يعرف الحساب,تنهي اللجنة عملها بالموافقة على كل شيء ودون التعليق على اي شيء لان الفم الذي سيقول الحق امتلأ والضمير الذي سيؤنب مات منذ ولادته.في المغرب العميق التنمية تخطئ الطريق وتذهب الى الجيوب,فالمشاريع التي تبدأ غاليا تنتهي من البداية,المقاول لص,والمسؤول لص,والتقني لص,والمجتمع المدني مجموعة من اللصوص,فكم من جريمة سطو على المال العام كان اطرافها:مسؤول اداري,وتقني,وجمعية من المجتمع المدني,فشوارع زاكورة عاصمة المغرب العميق مليئة بامثال هذه الحكايات.في المغرب العميق صوت البطن اكبر من صوت العقل,الموت جوعا يتهدد الجميع,والكارثة الانسانية على الابواب, فحكاية المواطن مع كيس الدقيق المدعم حكاية غريبة عجيبة تذكره بايام الحماية عندما كان مكتب ممثل المقيم العام يتحكم في اقوات الناس لضمان ولائهم ولشغلهم عن التفكير في امور اخرى فما اشبه اليوم بالامس غير ان الامر لا يتعلق بالآخر الغريب وانما يتعلق الامر ببني جلدتنا.اما الصحة فتلك حكاية اخرى,فاهل القاع يموتون في الشوارع وامام  ابواب المستشفيات لانهم لايملكون اموالا ولا يعرفون دهاليز المستشفيات,ومستشفيات اهل القاع تتميز بوجود البناية وغياب الاطر وكثرة المرضى والخلاف الدائم بين النقابة والادارة وضياع مصلحة الفقير بينهما والادهي من ذلك هو غياب العتاد الجراحي وتواطؤ الطبيب والصيدلي .اهل القاع هم اناس اغلبهم فقراء يتسولون لان حقوقهم اغتصبها احدهم,فعندما يتزايد عدد المتسولين فاعلم ان الفساد اصبح اكثر شراسة من ذي قبل وان السرقة جارية على قدم وساق وان القانون في لعصبية التراجع.اهل القاع منبوذون من طرف المركز في كل شيء,يتغنى المركز بالديمقراطية ,لكن لا أثر للدستور وللبرلمان في حياة اهل القاع,يتغنى بالوحدة في اطار الاختلاف واهل القاع لا يعرفون الا الحيف والتخلف.تهب رياح الانتخابات فتنصب الموائد والخيام وتقضى الاغراض ويصبح كل عسير يسير وتتغذى العصبية القبيلة ويعود اهل القاع الى عهد السيبة وتشتعل النعرات بوقود ارباب الفساد ينصب البرلمان وتنصب الحكومة ولا اثر للانتخابات في حياة  اهل القاع الا من بقايا عداوات وصراعات  كانوا ضحاياها بانفسهم.انه واقع حال تعيشه زاكورة ,هذه المدينة التي تعاني من مرض اسمه التخلف,تخلف صنعته ايادي ابنائها,الذين على  الرغم من  انهم تعلموا الا انهم لم ينتفعوا بما تعلموا.

العربي

6 تعليقات
  1. said يقول

    عندما جئت الى زاكورة لاعمل بها اصبحت مقوقعا من اهل القاع ويا ليتني انتقلت

  2. الرشيد يقول

    نعم ا لكل مقـــــــــــوع في زاكورة يااخي لانه من اهل القاع

  3. غريب يقول

    و نحن ايضا تقوقعنا ، و اصبح همنا الوحيد الخروج من القوقعة

  4. abdellatif يقول

    رحم الله أجدادنا اللذين ضحو بالغالي و النفيس من أجل البلدة و الوطن.و جئنا نحن في بضع سنوات و دمرنا وصية الله و وصية الرسول و وصية الجد حتى عميت القلوب. نسأل الله عز و جل الهداية لسائر المسلمين و المسلمات.يقول الامام الشافعي :

    نعِيبُ زَمَانَنَا وَالعَيْبُ فِينَا ** وَمَا لِزَمَانِنَا عَيْبٌ سِوَانَا

    وَنَهجُو ذَا الزَّمَانَ بِغيرِ ذَنْبٍ ** وَلَوْ نَطَقَ الزَّمَانُ لَنَا هَجَانَا

  5. الرشيد يقول

    بالنسبة لغير الزاكوري فهو حقا مقوقع ومقوع و مقطوع من شجرة في زاكورة يجب عليه ان يقطع مسافة 1000 كم لزيارة اقاربه اما الزاكوري الذي يقيم قرب افراد عائلته فكل احبابه قربه ولا هم له اذن فهو ليس من اهل القاع فهو مكن اهل…..finich

  6. حسناء البويدي يقول

    انا زاكوريةادرس في اكادير و بعد حصولي على شهادة جامعية لي الشرف ال دة الى ارضي وارتمي في احضان بواديها و ادرس اطفالها و القنهم ان الانسان الزاكوري خاصو ايدير العز و الشان لراسو بدل ان ينطر الى نفسه على انه غريب متقوقع حتى لا ينطر اليه كدلك
    مشكلتنا ان الاخرين يصفوننا بالمتخلفين و نستقبل هدا الانتقاد اللادع برحابة صدرلدلك لا يكفون عن التمادي في الاستهزاء بنا و انا اتحدث من صميم تجربتي اليومية في الحافلة و الجامعة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.