10 دجنبر و المغرب..حقوق الإنسان في الميزان

0 451

شكل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المؤرخ في 10 دجنبر 1948 تحولا كبيرا و نوعيا دشنه المجتمع المدني الغربي بعد الحرب العالمية الثانية، حيث انتقل الحديث من الحقوق “الزرقاء” أي الحقوق المدنية و السياسية و التي تشمل حرية التعبير والحق في المحاكمة العادلة وحرية الأديان وحقوق التصويت… إلى الحديث عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إذ ركزت الحكومات الغربية منذ البداية على ضمان ظروف ومعاملة متكافئة لفئات المجتمع المختلفة وتمكين المواطنين من الحصول على الرعاية الصحية والسكن، بالإضافة للضمان الاجتماعي وإعانات العاطلين…و مع ذلك لم يقف الغرب عند هذا الحد بل تعداه إلى الجيل الثالث من الحقوق فأصبحنا اليوم نتكلم عن حق تقرير المصير، الحق في بيئة صحية، الحق في الاتصال وحقوق التواصل… وقد ذكرت هذه الحقوق في عدة وثائق في القانون الدولي مثل إعلان ستوكهولم للبيئة في 1972 و الصادر من مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة البشرية، وإعلان ريو بشأن البيئة والتنمية في 1992…و هكذا فقد ُحق لهم تخليد اليوم العالمي لحقوق الإنسان بطريقة احتفالية تنسجم مع طبيعة الأفراد و تليق بمستوى الحدث.

لا شك أننا إذا سلطنا الضوء على حقوق الإنسان بالمغرب، سنصاب بخيبة أمل كبيرة و حزن شديد، فالواقع الهش و حال الحريات في بلادنا وما يعرفانه من تأرجح بين التردي والتراجع وبين عدم تجــاوز سقف إعلان النوايا الرسمية من أجل الرقي والمضي قدما نحو مراتب متقدمة في هذا الباب، يزيد الوضع قتامة و سوءاً، و لعل أرقام المنظمات الدولية و الجمعيات غير الحكومية تفنذ بشكل قاطع و غير قابل للجدل التصريحات و الوعود الرسمية للدولة المغربية، هذه الوعود التي بقيت هشة و قابلة للتراجع في أي لحظة من اللحظات، لأنها بكل بساطة لم تتم في إطار سياسة شاملة و واضحة لترسيخ و تعميق الكرامة و الحرية و العدالة الاجتماعية.

إنه حقا وضع مزر يدمي القلب، و يبعث على الحزن و الألم، فبالإضافة إلى تزوير الانتخابات و قمع الاحتجاجات السلمية، و محاكمة قادة نقابيين و نشطاء حقوقيين تم و للأسف الشديد الرجوع إلى سياسة التعذيب التي تشهد عليها – أحداث سيدي إفني، تازة، ، بني بوعياش، ملف السلفية، معتقلي العدل و الإحسان… و اللائحة طويلة -. هذا بالإضافة إلى توجيه القضاء في الملفات ذات الصبغة السياسية – محاكمة رشيد نيني، ملف معتقلي 20 فبراير… إلخ-، ناهيك عن التقرير الأخير للمجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي كشف عن التدهور الخطير لوضعية السجون بالمغرب، و الأشد جسارة من هذا و ذاك هو الهيمنة السافرة و غير المبررة لوزارة الداخلية على حقل المشاركة السياسية خصوصا في ملف تأسيس حزب الأمة الذي قررت فيه محكمة الاستئناف الإدارية إلغاء الحكم الإداري الابتدائي الصادر لصالح “حزب الأمة” والذي كان يقضي برفض طلب وزارة الداخلية الرامي إلى رفض التصريح بتأسيس الحزب بدعوى عدم استيفائه لشروط التأسيس التي ينص عليها قانون الأحزاب، يبقي كل هذا غيض من فيض لا يسمح المجال بالخوض فيه جملة و تفصيلا.

أيها السادة و السيدات، نحن أمام معضلة ضخمة و معقدة تحول دون النهوض بقضايا حقوق الإنسان في المغرب، يزيد من تعقدها طغيان الطغاة و استبداد المستبدين، و نزعة الهيمنة على مختلف جوانب الحياة العامة، فلا غرابة في الأمر إذا جزمنا و قلنا أن الوضع مرشح للانفجار المحتوم الذي سيأكل الأخضر و اليابس إن لم تتدارك الأمور و أعطي لكل ذي حق حقه.
من هذا المنطلق تبدي الفدرالية المغربية لحقوق الإنسان قلقا كبيرا حول أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب، و تعلن للرأي العام المحلي و الدولي ما يلي:

ـ إدانتها الشديدة لكل الانتهاكات المرتكبة في حق جميع المناضلين والسياسيين وجميع
الشعب المغربي .
ـ تضامنها اللا مشروط مع كل المظلومين والمضطهدين والمحرومين.
ـ إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين و الإسلاميين و معتقلي حركة 20 فبراير.
ـ كما تناشد الفيدرالية جميع القوى الحقوقية والهيئات الصحافية وجميع الغيورين من
أبناء هذا الوطن من أجل التكتل و فضح هذه الممارسات اللا إنسانية عبر كل المنابر.

 المكتب التنفيذي للفيدرالية المغربية لحقوق الإنسان
البيضاء في 10 دجنبر 2012

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.