لمن نكتب ما نكتب؟

0 340

زاكورة (زاكورة بريس)محمد حداوي
      لمن نكتب ما نكتب؟،سؤال نطرحه على انفسنا حين نود ان نكتب
حول موضوع ما . لمن نكتب مانكتب؟،سؤال ما ان نطرحه على انفسناحتى نسقط في نوع من الحيرة والإضطراب لمعرفة لمن نكتب ما نكتب؟.. فقبل الكتابة وأنت تحك رأسك وتقدح زناد فكرك،لابد لك ان تستحضرفي الذهن ذلك الموضوع الذي ستكتب فيه وذلك المتلقي المفترض الذي ستوجه اليه كلامك وخطابك..وحين تحدد الموضوع تجد نفسك  تتساءل بحيرة،هل نكتب لعلماء فطاحل بتجارب كثيرة سبقونا إلى سبر أغوار كهوف المعرفة وهم ينظرون الينا كأطفال في مرحلة الحبو على درب العلم و المعرفة ؟، أم نكتب لأناس عاديين بسطاء لنساعدهم على فهم ما يدور حولهم من امور الحياة حسب مستوى فهمنا لواقع الحياة  المعقدوالمركب ؟، أم نكتب لعلنا نجد من بين قرائنا شخصا واحدا بمثابة توأم روحنا الذي سيفهم معاناتنا لنتبادل معه الأفكاروالحكايات والتجارب؟،أم نكتب من أجل الإستمتاع بكتابة تخاريف وكوابيس وأوهام ووساويس تراودخيالاتنا بالليل والنهار؟.. سؤال لمن نكتب ما نكتب؟، سؤال يطرح  نفسه بإلحاح على كل كاتب على الدوام..
     حين نود ان نكتب نكون كالرسام الذي يجلس في المرسم وأمامه موضوع كما أمامه مباشرة اللوحة وفي يده ريشته. ينظر إلى الموضوع كل لحظة ثم يرسم بريشته جزءا مما يرى.وحين ينتهي من رسم لوحته الفنية يقدمها للجمهور في أسواق المعرفة البشرية للحكم عليهاخاصة مع ثورة الانترنيت التي لم يعد فيها الكاتب كما كان الحال في الماضي مع الصحافة الورقية التقليدية يكتب ولايرد عليه سوى كاتب آخر مثله ولايبالي بما يعتمل في نفوس قرائه من مشاعر.ولاغرابة ان ترى الكاتب في ذلك الزمن حين ينشر مقالامن مقالاته  في جريدة من الجرائد، تراه يمضي في طريقه وكأنه قد حطم حائط برلين وهو يزهو ويتبختر مثل الطاووس باعتباره كاتباً معروفاً و..و..و، إلخ..هكذا يكتب الكتاب في ذلك الزمن كما أعتقد إن لم أخطأ أيضافي هذا الإعتقاد.. أما اليوم وقد تغير كل شيء، والمشكلة الأساسية التي باتت  تواجه كل كاتب في هذا الزمن الجديد ، ليست هي فقط اختيار الموضوع، ولكنها قبل ذلك إقناع أو اقتناع القارئ المعلق بما يطرح أمامه حين ينشر الموضوع في الشبكة العنكبوتية. وبعد أن خضت أنا شخصياهذه التجربة المتواضعةو (غير المريحة) ، تأكد لي تماما أن رضاء الناس غاية لا تدرك خاصة مع الاعلام الديموقراطي في الانترنيت الذي توفر للقاريء إمكانية ان يقول مايريد في التعاليق وكما يقول المثل الشعبي “تطرق الباب فتسمع الجواب” ..وهنا تجد نفسك إذا تطرقت الى مواضيع هزلية، تجد من يقف ضدك ليقول لك، كفانا تهريجا ومزاحا ياهذا ،فالواقع المرير يحتاج الى الجدية والحزم أكثر مما تتصور..
وإذا تطرقت الى مواضيع جدية وأنت تطرح معاناة وانكسارات الناس التي لاتنتهي، لا نعدم من يقف ضدنا ليقول، كفانا من هذا الهم والغم والتشاؤم ياهذا، فالدنيا كلها ليست هي النصف الفارغ من الكأس، ونحن نريد من يتناول ذلك  النصف الآخرمن الكأس المملوء فإضحك للدنيا تضحك لك ..
وقد تكتب موضوعا وتجد من يرد عليك في تعليق وهو يقول: أحسنت ،موضوع رائع ومتميزومفيد وممتع، واصل اخي بارك الله فيك..وتحت نفس التعليق على نفس الموضوع ،تجد معلقا آخرعلى العكس يخالفك الرأي ،يكتب مباشرة وفي أحسن الاحوال يقول في رده:عذرا أخي الكاتب، مع أخد بعين الإعتبار أنني ضيعت وقتي في قراءة ترهاتك التافهة والتي تناولت فيها موضوعا قديما مستهلكا ينم عن بلادة وغباء صاحبه، أنصحك أخي أن تتوقف عن هذا الهراء وتبحث لك عن عمل آخر بديل غير عمل الكتابة، فالنجارة والحدادة تحتاج لأمثالك وما أكثرهم…قلت معلق في احسن الاحوال، أما إذا تعلق الامر  بقاريء سيء المزاج والطبع والذوق ،مفتقد الى لياقة الرد، تجده يرد عليك بفضاضة بلغة زنقوية فظيعة وأحيانابفحش لامثيل له، وتراه يشتم ويتوعد..و ..و..
ما يجب ان نعرفه أثناء الكتابة عامة، وفي الانترنيت مع الاعلام الديموقراطي العصري خاصة ،خلافا للإعلام التقليدي الورقي الذي لاتتوفر فيه شروط الرد هو،إن البشر مختلفين تمام الإختلاف بارائهم واذواقهم وقدراتهم وميولاتهم ..وهذا ما يجعل من ارضاء الناس في كتابة الموضوع  اوحتى في الردود غاية لاتدرك، ومن سعى الى إرضائهم خسر.فإرضاء الجميع مستحيل ، فإرضاء الناس هي مهمة لم ينجح فيها حتى الانبياء المعصومين من الاخطاء والزلل وكيف بإنسان ضعيف ،غير معصوم،  ان ينجح في هذه المهمة العسيرة .فرضا الناس أو سخطهم لايساوي مثقال جناح بعوضة أمام السعي الى رضاالضمير بعد الله سبحانه وتعالى..وعليه، على كل كاتب ان يكتب مايراه جديرا بالكتابة دون ان يجامل أو ينافق أو يرضي أحدا مع احتراماتي هنا لكل شخص أختار له وابويه إسم “رضا”. فقمة القسوة لحق ذاتك ، ان تعيش على ارضاء من هم حولك ليعيشوا هم على  استلابك وتحطيم كل جميل فيك، فلم يخلق الإنسان لكي يصاغ وفق أهواء الغير بعيدا عن الحقيقة .وسيأتي ذلك اليوم الذي سيقف فيه كل إنسان أمام مالك الملك في لحظة الحساب التي لا فكاك منها، وسوف يُسأل عما فعله في ماله وعلمه وولده، وسوف يُسأل عما قدمت يداه طوال حياته.. على كل كاتب ان يكتب مايراه جديرا بالكتابة دون ان يجامل أو ينافق أو يرضي أحدا ،خاصة مع دخول ديموقراطية الاعلام التي  أسقطت الهالة التي حول الكاتب مع الصحافة التقليدية زمن ما قبل الانترنيت ،بإعتباره مثقفاً يربي، ويعلّم، وينوّر، ويثقّف القارئ، أو يخدعه ويضلّه ويتلاعب بفكره ومشاعره، وجعلته مجرد شخص يجيد الكتابة، ويتوفر له الوقت ليكتب، وتتوفر لديه الجرأة ليواجه القراء وردود أفعالهم في التعاليق .. بمعنى أن الكاتب مع الانترنيت أصبح شخصاً يحاور حواراً حقيقياً، فيقول ويقال له وهوداخل في مواجهة مباشرة مع قرائه ،وهذه هي روعة الديمقراطية وإيجابيات ثورة الانترنيت في العالم.

وفي الاخير، أود أن أختم كلامي هذا بعبارات جميلة يتداولها شباب الفايسبوك هذه الايام على صفحاتهم، ولاأدري بالضبط لأي كاتب تنتسب هذه العبارات والتي تقول:
! المطلقة .. تخشى كلام الناس

! العاطل عن العمل .. يخشى كلام الناس
! و الفقير .. يخشى كلام الناس

!والتي فاتها قطار الزواج .. تخشى كلام الناس

! ! و الناس .. يخشون من بعضهم

أيُعقل..بأن يخسرَ إنسانٌ حلمهُ وطموحه

! ! ويتخلى عن تحقيق أهدافهِ ورغباتهِ من أجل إرضاء الناس

إرضاءَ الناسِ غايةٌ لاتُدرك

حياتك لك انت

انت من سيعيش وأنت من سيموت فاستمتع بكل لحظات حياتك

دون أن تسير حياتك على إرضاء الناس..
 
 

محمد حداوي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.