ترقيع التعليم

0 299
انتبهت الحكومات المتعاقبة بالمغرب، بإيعاز من التقارير القاتمة التي رسمتها المنظمات الدولية عن بلادنا إلى ضرورة إدراج إصلاح الشأن التربوي و التعليمي في مقدمة الأولويات الوطنية بهدف احتواء المخاض العسير الذي يعيشه قطاع التعليم و انعكاس ذلك سلبا على عديد من المجالات الاجتماعية و الاقتصادية.
بالمقابل، وعلى الرغم من الموارد التي استفادت منها على مدى عقود، لم تفلح الوزارة الوصية لحدود الساعة في إحداث إصلاح حقيقي كفيل بالنهوض بالمنظومة التربوية بل و على عكس المتوخى كرَست الاستراتيجيات المتبناة تراجعا خطيرا همَ مكونات التعليم برمتها.
في هذا السياق، ظلت السياسات المتعاقبة تراوح مكانها وفية لشعار “مطرب الحي لا يطرب” بعد أن تم تفويت جل دراسات الجدوى و الافتحاص إلى مكاتب أجنبية خرجت بتقارير نبهت إلى كارثية الوضع و أكَدت على ضرورة إحداث تغيير جذري في المنظومة التربوية.
كان من الطبيعي إذن أن تنزل عتبة أهداف الإصلاح إلى أدنى مستوياتها، حيث فرض واقع التعليم التركيز على أهداف بنيوية من قبيل محاربة الهدر و الانقطاع المدرسيين و تشجيع الفتاة القروية على التمدرس خاصة في ظل الممانعة الاجتماعية التي عرفتها بعض المناطق.
لا ينكر إلا جاحد حجم الإنجازات التي تم تحقيقها في هذا الإطار حيث نجح القطاع في تعميم التمدرس داخل جهات عديدة محدثا في نفس الوقت قطيعة مع بعض الممارسات البالية كمنع البنات من حقهن في التعليم وإجبار البنين على الانقطاع عن الدراسة بذريعة مساعدة الأهل و قلة فرص الشغل المسجلة عند فئة الخريجين.
غير أنه ما يعاب على هذه السياسات هو هيمنة الطابع الترقيعي و الارتجال في اتخاذ القرارات الأحادية بعيدا عن المناقشة الهادفة و في تغييب يكاد يكون متعمدا لأهم الفاعلين في القطاع، كما يعاب عليها أيضا غياب المراقبة و المتابعة عن أوراش تشييد المؤسسات التعليمية التي شابتها خروقات كبيرة من قبيل عدم مطابقتها للمعايير المحددة في دفاتر التحملات  و هو ما نجم عنه افتقار عديد مؤسسات لكثير من المرافق و ضياع  أموال كثيرة في الإكراميات و الولائم.
من أهم الأهداف التي رسمها إصلاح التعليم أيضا تجاوز النسبة الضعيفة للحاصلين على الشواهد داخل المجتمع و هو ما دفع الوزارة إلى إقرار مجموعة من السياسات الهادفة إلى نفخ النقاط بعدما منحت هامشا كبيرا للحرية لدى القطاع الخاص و أحدثت تغييرا جذريا على نمط الامتحان في إطار ما يسمى مدرسة النجاح.
أولى بوادر التغيير شهدتها فترة نهاية الثمانينات بعدما عمدت الوزارة الوصية على القطاع وقتذاك على إلغاء السنة الأولى من التعليم الإعدادي و تعويضها بالمستوى السادس مع إلحاقه بالسلك الابتدائي و ذلك رغبة منها في تجاوز العجز الحاد الذي كان.
عادل المتقي
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.