عادة “إدرنان” بأدرار دائرة أنزي نموذجا – Mohamed zitouni

0 1٬895

عادة “إدرنان” بأدرار دائرة أنزي نموذجا

مقدمة

أنزي قرية في صلب سلسلة جبال الأطلس الصغير وعلى الخط الحدودي الفاصل بين أداي وتافراوت المولود شرقا، وإيسافن وتغمي جنوبا، وأيت احمد شمالا ثم وجان ورسموكة غربا، وتقع جنوب مدينة تيزنيت على بعد 40كلم، و120 كلم جنوب أكاد ير.

تزخر أنزي بموروث ثقافي هام ومتنوع تراكم عبر الفترات التاريخية التي عرفتها المنطقة لتنعكس على جوانب حياة الإنسان بدءا بالمظاهر العمرانية.منازل عتيقة، ودور الشيوخ وأبراج، وملاح يهودي مرورا بالمناسبات الدينية ، أعياد دينية ، مراسيم مرتبطة بالزوايا والأولياء وكذا الموروث الأدبي الشفوي الغزير من حكايات وأمثال كل الأعمار والأمداح وكذا الصناعات التقليدية، كالخزف والجلد والفضة… وصولا إلى مختلف الطقوس الاحتفالية والمناسبات العائلية أعراس، ميلاد، عادة إدرنان التي نحن بصدد دراستها في عرضنا هذا، واخترت هذه العادة لكوني أنتمي لهذه المنطقة ، ولقلة الدراسات حول هذا التراث الإنساني اللامادي الذي يبرز الوجود الإنساني وهويته وانتمائه، حيث قررت إنجاز بحثي هدا حول موضوع له علاقة بالحياة البشرية في أإدرار. وبعادة من عادات سكان أدرار وهي” إدرنان” ، ويمكن القول بأن هذه العادة تتعرض للتهميش واللامبالاة من طرف سكان المنطقة، إرتياءا مني لإحيائها  وعدم تركها تموت بين أيدينا.

الفصل الأول: التطور التاريخي لعادة ”أدرنان”

 

  1.  تعريف أدرنان:

 agadir-0

هي عادة إجتماعية واحتفالية تدوم شهرين متتابعين، تتناوب القرى والدواوير على الإحتفال بها ثلاثة  أيام (الخميس، الجمعة، السبت). أسبوعا لكل قرية أو قريتين أو أكثر، التي جاء بها الإحتفال ويقوم أهلها بأداء رقصة أحواش المعروفة  ليلا حتى بزوغ الفجر، وتستمتع الأسر بزيارة الأحباب والأقارب من كل جدب وصوب.

 

و”إدرنان” هي عبارة عن خبز رقيق يعجن بطريقته الخاصة  تختلف عن طريقة عجن الخبز العادي ويعجن في دقيق الشعير أو دقيق القمح وهو يطبخ في الزيت العادية، أو كما كان في السابق يطبخ في زيت الأركان التي تتميز بهاو المنطقة.

وعن أبوزيد[1] الكنساني “فإدرنان، عبارة عن خبز رقيق يوضع خصيصا ليوزع على الفقراء والمساكين صدقة لدفع البلايا والمصائب التي تصيب البلاد من قحط ووباء…

2. أصل عادة إدرنان :

 يعود تاريخ بدايتها إلى القرن السابع الهجري بأمر من الوالي الصالح أبي يحيا العثماني الكرسيفي على الكيفية المعهودة فيها من الإكثار من الصدقة وصلة الرحم مع كثرة العبادة والتضرع إلى الله لإزالة ورفع ما نزل بالناس من الجفاف والمجاعة التي داهمت بلاد جزولة حتى كان جراء ذلك غلاء فاحش ومفرط. ويقال أيضا أن تاريخ بدايتها يعود إلى القرن الثالث عشر الهجري بأمر من الشيخ محمد أعجلي البعقيلي.

وأن أيت بومهاوت يؤيد كلا القولين، فالأول أمر بها في قبيلته والقبائل المجاورة لها، والثاني جددها وأمربها في قبيلته. والدليل الواضح على دلك لما جميعهم يحتفلون بها في اليوم الذي يحتفل فيه أهل ” أكرسيف” ومن نواحيهم.

وعن الكنساني أحمد أبو زيد: أول من أمر بصنع إدرنان هو الشيخ أبو يحيا العثماني الكرسيفي حيث أمر بتوزيعها على المحتاجين من الناس وبالإضافة إلى ذلك أمر بصوم يومين أو ثلاثة أيام تطوعا وذلك لدفع المصائب التي تصيب الناس.

وهناك وأيا آخر يرى أن للعادة بعد المقاومة كما عند محمد أعجلي حيث أمر بالتواصل تبادل الزيارات في إطار إعادة أدرنان وذلك قصد إتاحة الفرصة للمجاهدين ورجال المقاومة للالتفاف حول الحصار الضارب آنذاك على المنطقة من طرف المستعمر الأجنبي وضمان التواصل بينهم لإيصال المعلومات و الإمتدادت لكل المناطق.

وهناك رأي آخر يربط هذه العادة بطقوس وعادات أخرى منتشرة بشمال إفريقيا، وتحتفل بها شعوب المنطقة بطرق تكاد ملامحها قريبة من عادة “إدرنان”.

الفصل الثاني: مناطق الإحتفال بالعادة في دائرة أنزي

 agadir-1

يمكن القول بأن الإحتفال وطريقة الإحتفال والتحضير لعادة إدرنان في مختلف المناطق المنتمية لدائرة  أنزي لا تختلف كثيرا. إلا أن الإختلاف غالبا ما يكون في التاريخ، وذلك نظرا إلى احترام الآخر حتى تسهل عليهم عملية الإستعداد، وكذا التنقل وإحياء العادة عند كل منهم وعلى هذا الاساس يمكن تقسيم بعض المناطق التي تحتفل بالعادة على الشكل التالي:

1 – قبائل إداوسملال:

إن أول منطقة أوقبيلة تحتفل بالعادة في الدائرة هي قبائل إدوسملال، ويبتدئ موسمهم الإحتفالي في يوم الخميس الثاني من شهر يناير الأمازيغي.

 agadir-3

  1. كيفية الإستعداد:

يستعد الناس في إداوسملال قبل أيام عدة وذلك بتنقية الشعير والقمح وطحنهم، وصناعة زيت الأركان، والسمن.. وقبل أسبوع تقريبا يبدأ الرجال باستدعاء أقاربهم، وذلك في الغالب يكون في السوق الأسبوعي، أو عبر التنقل عندهم إلى مقر سكنهم إن كان ذلك ممكنا.

في ذلك اليوم وبعد مرور صلاة العصر، فإن جميع دواوير القبيلة تعمها رائحة أركان، أي أنه بدأت عملية طبخ “إدرنان” من طرف النساء، تزامنا مع ذلك ترى العديد من المواكب من النساء خصوصا والرجال والأطفال قادمون من كل صوب، وخاصة من القبائل الأخرى التي لم تصلها بعد نوبتها في الاحتفال كقبائل إداوبعقيل ….ومنذ ذلك الحين تبدأ مراسيم الاحتفال وترى البنات في كل الأماكن وفي أيديهن الدفوف قصد إحياء بعض أحواش المنطقة.

قبل وصول وقت العشاء، وعند أكل الوجبة والتي تتكون في الغالب من إدرنان وخبز وقليل من العصيدة والتمر واللوز…وترى الناس وضيوفهم يخرجون من جديد إلى أماكن معروفة في الدوار ومعهم دفوفهم، وتيمنا منهم بإحياء بعض أحولش المنطقة، ويستمرون حتى وقت متأخر من الليل، وفي اليوم التالي يتجه الضيوف عند أقاربهم ساء في نفس الدوار أو نفس المنطقة حتى تنتهي المدة المخصصة للعادة وفي الغالب تبدأ في يوم الخميس إلى يوم السبت.

 agadir-2

وهذا الخبز التقليدي أو ما يسمى ” خبز أفارنو” يستعمل في مثل هذه المناسبات( إدرنان، أعراس…).

2-  أيت أحمد:

أيت احمد تنقسم إلى قبيلتين وهما ازكروان وأيتم ساكنة. وهذه القبائل بالعادة في الخميس الأخير من يناير والخميس الأول من فبراير على التوالي.

 agadir-4

إنه وكما أشرت من قبل فإن طريقة استدعاء الضيوف والاحتفال لا تختلف تقريبا إلا أنه لابد من الإشارة إلى كيفية الاحتفال.

إنه وبعد تجمع الضيوف من الأهل والأقارب والأصدقاء، وفي بعد زوال يوم الخميس، تبدأ مراسم الإحتفالات في عدة مناطق من أيت احمد وذلك إحياء للعادة، واستقبالا لضيوفهم، فمنذ صلاة الظهر أو في الصباح في بعض الأحيان يبدأ النساء في عجين “إدرنان ” ويتم طبخه بعد صلاة العصر.

ومنذ تلك الساعات يبدأ أحواش حتى وقت متأخر من الليل، وبعد العشاء من جديد يعود أحواش إلى الواجهة حتى بزوغ الفجر، ونظرا إلى قيمة العادة عندهم فإننا نجدهم يتركون أعمالهم جانبا بمثابة عيد. أما بخصوص المكونات أو الأكلات التي تحضر في كل مائدة فهي غالبا ما تتصف بالبساطة حيث تتكون من بعض رغائف “إدرنان” من دقيق الشعير مطبوخة في أركان، وكذا بعض العصيد من دقيق الشعير والقمح والذرة وكذا بعض الثمور الجافة وغالبا هي قليل من الثمر واللوز.

3- تيغمـــــــــــي:

agadir-5إن قبائل تيغمي تحتفل بعادة”إدرنان” كل يوم الخميس الأول في شهر فبراير، وتنتمي

إلى قبائل إداوبعقيل.                 

تبدأ من تيغمي وإداوبعقيل الاستعداد والإحتفالات منذ مدة طويلة، وذلك في طحن الشعير و القمح والذرة، وكذا صناعة زيت الأركان، وقبل أسبوع من يوم الإحتفال وخاصة في السوق الأسبوعي يبدأ ناس إداوبعقيل باستدعاء ضيوفهم. وبحلول يوم الخميس الأول من فبراير الأمازيغي نجد النساءكلهن نشيطات وحيويات، ويستعذن منذ الصباح الباكر، ويبدأطبخ “إدرنان” منذ صلاة الظهر، وبعد ذلك بقليل ترى الضيوف قادمون من كل حدب وصوب، وبعد وصولهم واستراحتهم ترى النساء والبنات يجتمعن في أماكن خاصة يتبادلن التحايا ويغنون ، ويستمر الحال على ماهو عليه حتى وصول صلاة العشاء، وبعد أخد وجبة العشاء، والتي كما هي في الماضي تتكون من عصيدة أو ما إلى ذلك من التمور الجافة أي أنها تتصف بالبساطة. وبع ذلك يخرج الكل إلى أماكن خاصة  في الدوار وذلك لإحياء بعض من أحواش، حيث يجتمع الرجال والنساء في مكان واحد.

فالنساء والبنات يغنون بينما الدفوف يتكلف بها الرجال، أي الخلط بينهم. والغالب نجدهم بنات وشباب عزاب وذلك قصد التعرف مثلا على إحداهن، وطلب يدها من والديها قصد الزواج بها. ومثلا تجدهم يجتمعون في منزل واحد في الدوار ويحتفلون ويتبادلون الأدوار فيما بينهم في الدوار. إلا أن نساء الدوار بأكملهن من يعمل على إعداد الواجبات.

4- تافراوت المولود:

 agadir-6

إن تافراوت المولود وعلى غرار جميع مناطق أدرار تحتفل هي كذلك بعادة “إدرنان”، وهي كذلك على غرار أيت احمد تنقسم إلى عدة فرق، تقيم هذه الحفلات على الشكل التالي[2] .

يوم الخميس الأخير من شهر يناير تحتفل بها الفرقة الأولى من تافراوت والمولود وضم هذه الفرقة القرى التالية:

  1. أكني إيزنكاض- تيزكي – تاغاتين – انريف – تيعزا.

أما الفرقة الثانية فتحتفل بها الخميس الأول من شهر فبراير الأمازيغي، وتضم هذه الفرقة القرى التالية.

أمغور – تمرورت – أفانتمول – تيورار اليلي – أيت موسى أوعلي – أيت الحاج – أليلي – بويغلاس – تلات ن وامان- توريرت ن إقاريضن – اغيلان – تمزكلت.

إنني أرى أن هذه القرى وموعد احتفالها يتزامن مع موعد احتفال تيغمي وإداوبعقيل وأيت بن احمد.

 

الفرقة الثالثة تحتفل في يوم الخميس الثاني من شهر فبراير وتشمل هذه الفرقة المد اشر التالية:

  1. دو تيزي.
  2. تازيلالت.
  3. أكديم.

 أما الفرقة الرابعة تحتفل بها يوم الخميس الأول من مارس ما لم يصادف أيام النحس، فإذا صادفها يرجئون الإحتفال إلى يوم الخميس التالي . وتضم هذه الفرقة المداشر التالية:

  1. تكلموست    – إغيل – ابن مسعود – ازعنان – تيزي اوكشار- احصرن

 

أما الفرقة الخامسة وهي الأخيرة التي تحتفل على صعيد القبيلة ، تضم القرى المتبقية من المتبقية، وهي:

  1. إمزيلن – ألكو – أيت لشكر – اكرض نتانوت – أيت علي ويحيى – أيت وعزيز – أفلا ن تدل – إمي نتسنيت – أفانتسيل – دو تركا – تيروكت.

 

وموعد احتفال هذه الفرقة هو يوم الخميس الأخير من شهر مارس.

 

 

خاتمـــــــــــــــــة:

يجسد موسم “إدرنان الوعي الاجتماعي السائد بين أعضاء الدواوير والحس المشترك الذي يربط سكان القبائل عامة .

إنه تعبير عن الانتماء الأصيل والتجدر، وذلك وذلك تعبير عن تعلق القبائل الأمازيغية بتقاليدها الثقافية وعادتها الوثيقة و المتجدرة في التاريخ، كما أنها فرصة للتواص الشخصي والجماعي والتعارف ونسج الروابط و علاقات الزوجية والقرابية.

ورغم مرور فترة كبيرة عن بداية الاحتفال بهذا الموروث، فمازال سكان المنطقة حريصين كل الحرص على بقاء وخلود موسم أدرنان.

الطالب: محمد الزيتوني Mohamed zitouni

تحت اشراف:عبد الصمد بصير



–  أحمد أبوزيد الكنساني ” أحواش الرقص والغناء الجماعي بسوس عادات وتقاليدص 49[1]  

-منار السعود عن السعود عن تافراوت المولود ومدرستها العتيقة: للأستاذ أيت بومهاوت محمد.[2]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.