تاريخ وادي درعة (1)

0 2٬945

يعتبر المجمع الأساسي لمياه مختلف الروافد الآتية من السفوح الجنوبية للأطلس الكبير، وخاصة دادس  ومكون، ثم واد المالح وإميني، ويصنف وادي درعة عادة من الأنهار الشبه صحراوية، وهو بذلك يشبه واد زيز وكير وغريس، وقد وردت  إشارات  إلى هذا الوادي في كتابات المؤرخين والجغرافيين القدامى. حيث نجد أن المؤرخ الإغريقي بوليب (polybe)  في القرن الثاني قبل الميلاد يذكر نهري درعة (Darat) وماسة ((Masata،وهو نفس الشيء الذي نجده عند بلين الشيخ (Pline l’Ancien)[1]. وفي القرن الخامس الميلادي حوالي 417م، نجد إشارة لبول اوروز( P.Orose)  في تواريخه[2] إلى نهر درعة (Dara).

اتضحت المعلومات حول هذا النهر خلال القرن الحادي عشر (الخامس الهجري) مع أبو عبيد الله البكري الذي ذكر بأن منبع نهر درعة من جبل درن وجريته من الشرق إلى الغرب[3]. وهو نفس التوصيف الوارد عند ابن خلدون وحسن الوزان. وتتفق هذه المصادر مع ما جاء به صاحب “افريقيا ”  في سياق حديثه عن بلاد الجريد التي كان القدماء يسمونها نوميديا أو جيتولا بقوله : ” وأول نهر سنتحدث عنه هنا هو درعة وهو كبير جدا، ينبع من جبال الأطلس الكبير التي تحد إقليم هسكورة، تم يتجه نحو الجنوب مخترقا إقليم درعة المسمى باسمه، ويحيط به من الجانبين عدد كثير من النخل الطويل، ذي الظل الظليل، … ويجف هذا النهر في الصيف إلى درجة أنه يُعبر دون أن تبل الأرجل في كثير من المواضيع، لكنه يفيض عند نزول المطر بحيث لا يمكن عبوره لا للرجال ولا للفارس، ومجراه منحدر إلى درجة أنه يستحيل عبوره بالزورق، بالإضافة إلى أنه مجوف وغير مستوي، ويصير ماؤه مرّا ملحا أيام القيظ”.[4]

فهذا النهر هو مصدر منبع الحياة بالنسبة لهذا المجال خاصة في فترات ضعف التساقطات التي تطبع مناخ هذه المنطقة، وبفضله تسقى المزروعات التي تنتشر على هذا الشريط الرسوبي الذي اشتهر بإنتاج مواد عمرت جميع أسواق المغرب ونخص بالذكر هنا : التمور،الحناء، النيلج، كما تفيد المصادر التاريخية أن هذا المجال عرف عمارة مهمة، خُربت بفعل دورات الجفاف الحادة، وأيضا الأمراض الفتاكة التي كانت تنزل بأهله، أو بسبب الصراعات القبلية.

[1]– عبد العزيز أكرير، دور درعة التجاري  قديما، ضمن  ندوة حوض درعة ملتقى حضاري وفضاء للثقافة والإبداع، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة ابن زهر، أكادير 1996.ص 27

[2] – نفسه ، ص 28.

[3]– أبو عبيد الله البكري، المغرب في ذكر  بلاد افريقية والمغرب وهو جزء من كتاب المسالك و الممالك، دار الكتاب الإسلامي، بدون تاريخ، ص 156.

[4]– مرمول كربخال، افريقيا، ترجمة محمد  حجي ومحمد الاخضر ومحمد زنيبر واحمد التوفيق واحمد بن جلون منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مكتبة المعارف الجديدة، 1984،الجزء الأول، ص 46.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.