ملاحظات و أسئلة حول قرار تجريد نائب الجماعة السلالية أكدز من مهامه

0 1٬797

أروم من خلال هذا المقال إلى إبداء بعض الملاحظات و الأسئلة حول القرار العاملي رقم 01/2023 لعمالة زاكورة القاضي بعزل (تجريد) محمد استوري من مهام نائب الجماعة السلالية أكدز.

الملاحظة الأولى أن القرار من خلال رقمه 01 هو أول قرار اتخذ في بداية السنة (2023) بعد مضي اكثر من سنة على انتخاب المجلس الجماعي.

الملاحظة الثانية تتعلق ببعض المفاهيم التي لا سند قانوني لها، من أهمها مفهوم” العزل ” حيث أن هذا المفهوم مرتبط أساسا بمفهوم الموظف العمومي وطبيعة عمله، فالعزل عبارة عن عقوبة تأديبية تأتي نتيجة خطأ جسيم اقترفه الموظف أثناء مزاولة عمله ولا يتم العزل إلا بإتباع مسطرة منصوص عليها في قانون الوظيفة العمومية، وعليه لا يصح التنصيص في القرار العاملي على مفهوم العزل لأن نائب الجماعة السلالية ليس موظفا عموميا، بل هو نائب يقوم بمهام مرتبطة بتدبير وحماية أملاك الجماعة، وبالتالي فالمفهوم الصحيح و الذي نجد له سندا في القوانين المنظمة للجماعات السلالية ونخص بالذكر القانون رقم 17-62 والمرسوم التطبيق له رقم 2.19.973. هو ” التجريد” والذي يعتبر سببا من أسباب إنهاء مهام نائب الجماعة السلالية، فلا وجود إطلاقا لكلمة العزل في القانونين السابقين،فعلا أشير في القرار إلى كلمة تجريد لكن مرة واحدة مع وضعها بين قوسين في المقابل أشير إلى كلمة العزل مرتين بل اعتبرت هي الأساس في القرار وهذا خطأ.
الملاحظة الثالثة تتعلق كذلك باستعمال مفهوم قانوني استعمالا ليس في محله وهو القرارات النيابية، فالقرار لا تصدره إلا الهيئات العامة و الإدارات العمومية، والقانون المذكور أعلاه لا يتحدث إلا على المقررات النيابية و ليس القرارات.
الملاحظة الرابعة لتجريد النائب من صفته حدد المشرع أسباب ذلك على سبيل الحصر في المادة 12 من القانون 17-62 وقد استند القرار العاملي في ذلك على تقرير السلطة المحلية لباشوية اكدز، وقد توفق في الاستناد إلى الأفعال و التصرفات التي قام بها النائب و المخالفة للقانون حيث أن تلك الأفعال فعلا لها سندها في المادة 12 التي تنص على الإدلاء بتصريحات أو تسليم وثائق من شأنها الإضرار بمصالح جماعتهم السلالية، لكن السؤال المطروح هو هل وجهت حسب مقتضيات المادة 13 السلطة المحلية إنذارا كتابيا للمعني بالأمر لوضع حد للمخالفة داخل أجل تحدده له؟ ما دفعني إلى طرح هذا السؤال هو ما جاء في القرار العاملي من عبارة “….السلطة المحلية دعته غير ما مرة للعدول عن هذا السلوك دون جدوى”.

والمادة 13 تقضي بتجريد النائب من صفته بارتكابه للمخالفة مرة واحدة وليس الانتظار إلى حين تعدد المخالفات وتكرارها، لأنه بالإضافة إلى تلك الأفعال والتصرفات المستند إليها هناك عدم الامتثال كذلك لمقررات مجلس الوصاية الإقليمي.
الملاحظة الخامسة تتعلق بخاصية من خصائص التنظيمات العامة وهي الاستمرارية رغم تغير الساهرين على تدبيرها، فمسألة الاستمرارية تفرض علينا طرح السؤال التالي: لماذا لم يتحرك رجال السلطة الذين تعاقبو على الباشوية منذ 1993 و الذين وصل عددهم إلى 6، لكي يطبقو القانون في حينه حماية للأراضي السلالية،خاصة -وهذا هو الخطير- وأن الأمر يتعلق بحسب ما جاء في القرار العاملي بتزوير لتأشيرات السلطة المحلية يعود تاريخها إلى بداية التسعينات، مما يستدعي متابعة المعني بالأمر جنائيا وهذا مالم يشر إليه في القرار العاملي؟
الملاحظة السادسة: من الأسباب التي جاءت في القرار العاملي” أن الأفعال لها تأثير سلبي على السلم الاجتماعي داخل أوساط الجماعة السلالية وإثارة النزاعات بين المستفيدين”
هل فعلا هذه هي الأسباب الحقيقية وراء تجريد النائب من صفته؟ هل تلك الأفعال وليدة اليوم أواللحظة؟ ألم تتسبب السلطة المحلية بتدخلاتها الايجابية أحيانا و السلبية أحيانا أخرى في الإخلال بالنظام العام عدة مرات ومناسبات؟ ومسألة السلم الاجتماعي الذي تسهر السلطة على تحقيقه، لم يهدد بتاتا في الآونة الاخيرة والسبب هو أن من الاعضاء من هاجر البلاد بحثا عن لقمة العيش، بعد أن يئس من الوضع حيث طرق جميع أبواب المؤسسات القانونية و القضائية ولا أحد سمع صراخهم (هم يدقون خزان الماء يوميا إلى أن يئسو). ومنهم من من أحس بالاحتقار بعد الاستيلاء على حقوقه بطرق لا تخطر على بال واستسلم لأمر الواقع تاركا أمره في يد الله، ومنهم من تحول للأسف الشديد إلى سمسار لا شغل له، يقتات من فتات الأرض،باع أخاه وإبن عمه، فبيعت كذلك أجود الأراضي التي أصلا ليست محلا للبيع، بأبخس الاثمان لأناس غرباء عن القبيلة لا تربطهم بالقبيلة أية صلة معتمدا في ذلك على مقاربة مقلوبة أنا والغريب على أخي وإبن عمي.
فالسلم إذن لا خوف عليه، فهو مستتب لأنه لم يتبق من الأرض إلا الجبال و الوديان و المقابر؟ وبتعبير النائب المجرد فأراضي أكدز مقبرة دفن فيها الجميع.
هل سيتوقف النزيف فقط بعزل نائب من النواب أم أن الأمر يقتضي إعادة النظر في جميع النواب الذين معظمهم توفي منذ زمان والباقون منهم أميون يفهمون، لكنهم لايعرفون القراءة والكتابة ، توقيعاهم خربشات يسهل تزويرها ولايبصمون، فليس كل شيوخ القبيلة يمضغون الطعام ؟
هل سيتوفق أعضاء الجماعة السلالية في تشكيل جماعة النواب في أقرب وقت ممكن بالاعتماد إما على آلية الانتخاب أو التوافق؟ التوافق في نظري مستبعد تحقيقه ’ أما الانتخاب فهو آلية ديمقراطية قد لا تنفع مع خصوصيات بنية القبيلة.أم أن الأمر سيترك على حاله عمدا، لتعم فعلا الفوضى ويهدد بالتالي فعلا السلم الاجتماعي، لأننا سنصبح في ظل غياب جماعة النواب في حالة ” حرب الجميع ضد الجميع “وبحسب تعبير الفيلسوف هوبز ” حيث لا سيد فالكل سيد ، وحيث الكل سيد فالكل عبيد” فالتأجيل سيفتح لا محالة المجال لاستمرار التزوير؟
أسئلة من بين عدة أسئلة يطرحها أعضاء الجماعة في قرارة أنفسهم والجواب عليها سيكون في قادم السنوات.

مقال بقلم : الأستاذ الحسن كنكو طالب باحث في كلية الحقوق بمراكش.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.