تجميد المواد الغذائية..بين البحث عن الراحة و الحفاظ على الجودة الغذائية

0 159

في ظل إيقاع الحياة السريع الذي يميز الحياة اليومية حاليا، خاصة في المدن الكبرى، أضحى تجميد الأغذية عادة يقبل عليها الكثير من المغاربة، ممن يبحثون عن طرق لربح الوقت و توفير الجهد.

و هكذا، يلجأ العديد من المغاربة، لاسيما النساء العاملات و الشباب الذين يقطنون بعيدا عن أسرهم، إلى تحضير بعض الأكلات و تجميدها بغرض تناولها في وقت لاحق، بإعتبار أن هذه العملية تعد بديلا أفضل، من الناحيتين الصحية و المادية، عن الأكل خارج المنزل.

كما تعمد بعض الأسر إلى تخزين بعض الخضروات و الفواكه الموسمية.

و لعل هذه الظاهرة تحظى بإقبال أكبر خلال بعض الفترات و المناسبات، في مقدمتها شهر رمضان المبارك، الذي يفرض تغييرا مهما في أنماط الإستهلاك.

و مع تزايد لجوء الأسر المغربية لتجميد مختلف الأغذية و المأكولات، تكثر التساؤلات حول مدى نجاعة هذه الطريقة، و مدى تأثيرها على القيمة الغذائية للمواد المجمدة.

بهذا الخصوص، تقول الأخصائية في التغذية، أميمة نيا، أن عملية التجميد في حد ذاتها تعد جيدة بالنسبة للأشخاص الذين لا يتوفرون على وقت كاف لتحضير وجباتهم الغذائية بشكل يومي، شريطة إحترام مجموعة من الشروط، منها على الخصوص، طريقة و مدة التجميد.

و شددت في تصريح للصحافة، على ضرورة تجميد الأغذية بكميات معقولة يمكن إستهلاكها خلال فترة قصيرة من تخزينها، من أجل تفادي الوقوع في التبذير و الإستفادة من القيمة الغذائية لتلك المأكولات.

و أبرزت أنه، على الرغم من إمكانية تجميد أغلب الأغذية، إلا أن هناك بعض الأنواع التي يستحسن تجنب تجميدها، من بينها على الخصوص، مشتقات الحليب و الأجبان، و كذا اللحم المفروم الذي يعتبر من الأغذية الحساسة بشكل كبير إذ يمكن أن تجتمع و تتكاثر فيه البكتيريا في وقت قصير، لذا يفضل إستهلاكه فور شرائه مع إمكانية وضعه في الثلاجة لبضع ساعات.

كما نصحت بعدم تخزين الأغذية التي تتوفر على النشا، مثل المخبوزات، لفترة طويلة، لأن ذلك يؤدي إلى تراكم بلورات الثلج، الذي ينتج عنه تقليص القيمة الغذائية و إفساد تركيبة هذه الأغذية.

و أوضحت أن الأمر ذاته ينطبق على الخضروات الورقية التي تصبح رخوة و تفقد طراوتها بسرعة، مضيفة أن الأغذية عند تجميدها بالطريقة الصحيحة لا تفقد قيمتها الغذائية بشكل كامل، لكن قد تنقص هذه القيمة بحوالي 15 إلى 20 في المئة.

و في ما يخص اللحوم، تؤكد الدكتورة نيا أنه بالرغم من أن التجميد قد يؤثر بشكل نسبي على طراوة اللحم، خاصة بالنسبة للمناطق التي تكون بها دهون، إلا أنه يمكن تخزينها في المجمد لفترة قد تصل إلى ثمانية أشهر إذا تمت عملية التجميد بشكل صحيح، في حين تنصح الأخصائية بعدم تجاوز شهرين إلى ثلاثة أشهر بالنسبة للأسماك الذهنية.

و بعدما أكدت أنه من الأفضل إستهلاك الخضر و الفواكه الموسمية في فترة توفرها لأنها تلائم إحتياجات الجسم خلال تلك الفترة، أشارت إلى أنه يمكن الإحتفاظ ببعضها في المجمد خلال مدة تتراوح بين ثمانية و 12 شهرا.

و إلى جانب ضرورة إحترام المدة الزمنية المحددة لكل نوع من المواد الغذائية، تؤكد السيدة نيا على ضرورة تتبع مجموعة من الشروط من أجل نجاح عملية التجميد و الحفاظ على القيمة الغذائية و سلامة المواد المجمدة.

و أبرزت في هذا السياق، أن طريقة التخزين تعد جد مهمة، حيث يمكن أن تؤثر على جودة و سلامة الطعام المخزن، مشيرة إلى ضرورة إستعمال أكياس غذائية صحية محكمة الإغلاق، لمنع تسرب الهواء للمواد الغذائية المراد تجميدها، و بالتالي تجنب مشاكل الرطوبة و الأكسدة التي تؤثر على القيمة الغذائية بشكل كبير.

و أكدت، من جهة أخرى، على ضرورة الحرص على وضع الأغذية بطريقة منظمة، ليكون توزيع التبريد سليما، و يتم تجميد كافة الأغذية الموضوعة في المجمد بطريقة جيدة و في وقت قصير، مشيرة إلى أنه يستحسن كتابة تاريخ التجميد، بالإضافة إلى وضع الأطعمة المطبوخة في الثلاجة حتى تنخفض درجة حرارتها قبل وضعها في المجمد.

و بعدما شددت على ضرورة تفادي إخراج أي مادة من المجمد و إرجاعها بعد ذوبان الثلج لأنها قد تؤدي إلى تسممات غذائية، أشارت إلى أنه في حالة إخراج المواد من المجمد دون إستهلاكها يمكن طبخها أولا قبل إعادتها إلى المجمد أو الثلاجة.

و خلصت إلى أنه يمكن الحفاظ على بعض الأغذية لفترة طويلة، دون الحاجة إلى تجميدها، من خلال عملية التخليل، خاصة بالنسبة للخضر، موضحة أن هذه العملية تسمح للمواد الغذائية بالحفاظ على منافعها و قيمتها الغذائية كاملة، بالإضافة إلى إستفادة الجسم من البكتيريا النافعة الناتجة عن عملية التخليل و التي تساعد في الهضم و تحمي صحة الأمعاء.

و هكذا، أضحى تجميد الأغذية، في ظل التغيرات السريعة لنمط الحياة، حلا عمليا يوفر الوقت و الجهد، لكنه يتطلب وعيا تاما بشروطه الصحيحة للحفاظ على القيمة الغذائية و سلامة الأطعمة المجمدة.

و من خلال اتباع نصائح المختصين، يمكن للمستهلكين جعل التجميد وسيلة فعالة تساعدهم على تحقيق التوازن بين الراحة و الجودة الغذائية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.