الطنجية المراكشية الأكلة المفضلة لدى الكثيرين بين التراث الثقافي لامادي و النكهات متميزة

0 877

تعكس “الطنجية”، التي تعد الأكلة المفضلة لدى الأسر المراكشية، و خاصة الحرفيين، الذين يفضلون إعدادها و تناولها بين أحضان الطبيعية، أهمية المحافظة على التراث الثقافي اللامادي المغربي في مجال الطبخ، و الذي يزخر بالعديد من الأطباق، التي كانت و ما تزال تحظى بإقبال المغاربة و الأجانب عليها.

حيث واكبت “الطنجية” المراكشية الإشعاع الدولي الذي تعرفه المدينة الحمراء، بإعتبارها من أفضل الوجهات السياحية العالمية، مما جعل هذه الأكلة الشعبية تحظى بإعجاب كبار الطباخين العالميين، لما تتميز به من مذاق رفيع، إلى جانب خصوصية تحضيرها، التي تتطلب معرفة و دراية كبيرة بمكوناتها، التي تختلف تماما عن الأكلات المغربية التقليدية الأخرى، خاصة الطاجين المغربي.

كما تبرز هذه الأكلة الإزدهار الذي عرفته مراكش عبر العديد من الحقب، فضلا عن كونها ظلت لصيقة بهذه المدينة عبر التاريخ، و مرتبطة ارتباطا وثيقا بالحرفيين، الذين دأبوا على الترويح عن أنفسهم كل يوم جمعة، و هو يوم عطلة لديهم، بتنظيم رحلات إلى البساتين و الحدائق “النزاهة” مصحوبين ب”الطنجية”، التي يشرف أحدهم على اعدادها.

في هذا الصدد، أكدت الباحثة في مجال التراث المحلي لمراكش، لطيفة الطبايلي، أن “الطنجية المراكشية تصنف ضمن التراث الثقافي اللامادي المغربي، إلى جانب مجموعة من الأكلات الأخرى”، مشيرة إلى أن ما يميز هذه الأكلة، المتفردة و النابعة من المدينة الحمراء، هناك طقوس إعدادها و طهيها، حيث توضع في درجة حرارة مرتفعة وسط الرماد عند “الفرناتشي” و هو المكان الخاص بتدفئة مياه الحمامات التقليدية، مما يتطلب التوفر على الخبرة و تقنية في طريقة طهيها حسب الكمية الموضوعة من مكونها الرئيسي، الذي يكون غالبا من لحم البقر و الغنم.

و أضافت الطبايلي، أن هذه الأكلة الشعبية مقرونة أيضا لدى المراكشيين ب”النزاهة”، حيث تفضل بعض الأسر، و كذلك الحرفيون (الصناع التقليديون) الخروج في نزهة إلى إحدى الفضاءات الخضراء، سواء بحدائق المنارة أو أكدال أو واحة النخيل، لتناول هذه الوجبة بين أحضان الطبيعة، و قضاء أوقات ممتعة هناك إلى غاية حلول المساء، في أجواء يطبعها المرح و تبادل النكت و القصص الطريفة، و أحيانا ترديد بعض قصائد فن الملحون.

فيما ذكرت أن “الطنجية” كانت و ما تزال من إختصاص الرجال، إذ يكلف من له دراية في تحضير هذه الأكلة و يعرف خباياها جيدا، بإعدادها حسب الطريقة التقليدية داخل قدر من الفخار يطلق عليه “القلوشة”، و الذي يساعد في الحفاظ على حرارة هذه الأكلة لمدة طويلة.

فقالت المتحدثة نفسها، التي ألفت مجموعة من الكتب تناولت فيها التراث الثقافي المادي و اللامادي لمدينة مراكش، أن هناك أنواعا كثيرة من “الطنجية”، التي يحرص السياح، سواء المغاربة أو الأجانب، الذين يزورون المدينة الحمراء، على تناولها بأحد المطاعم المختصة، خاصة في ساحة جامع الفنا، مشيرة إلى أنه يمكن تحضير”الطنجية” بكوارع البقر (الكرعين)، أو بذيل العجل، أو لحم الغنم أو البقر” الملج”، كما أصبح الدجاج البلدي و الأرانب يستعملان حاليا في تحضيرها.

و أبرزت أن الطنجية المراكشية في بعض المطاعم، التي تحضرها وفق طريقة عصرية، تستحضر معها المقادير المطلوبة و كل مكونات هذه الأكلة الشعبية، لكنها تبقى شبيهة ب”الطنجية”، لها مذاقها و لذتها، إذ تعوزها تلك الطقوس التي إعتاد أهل مراكش عليها، كطهيها في الرماد مرتفع الحرارة.

بفضل الإشعاع الذي تعرفه مراكش على الصعيد الدولي، إستطاع فن الطبخ المغربي المحافظة على جزء من تراثه الثقافي اللامادي و توسيع نطاق صيته إلى العالمية، إلى الحد الذي أصبح معه أمهر الطباخين الدوليين يضعونه ضمن أطباقهم، و يعملون على إستكشاف خباياه و الإطلاع على مكوناته و إبراز ما تتميز به أذواقه و نكهاته.

إذا كانت “الطنجية” مقرونة بمدينة مراكش، فإن أكلات أخرى، التي تؤثث مائدة الأسر المراكشية، تبقى قاسما مشتركا بين باقي المدن و القرى المغربية، و من بينها، على الخصوص، الكسكس و الطاجين باللحم و حساء “الحريرة” و ”السفة المدفونة بالدجاج” و ”البسطيلة”، و التي أضحت حاضرة بقوة في جميع المناسبات على الصعيد المحلي، و كذا في المطاعم الدولية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.