الدار البيضاء..يوم دراسي للنبش في ذاكرة العلامة المؤرخ إبن الموقت المراكشي

0 142

إلتأم، اليوم السبت بالدار البيضاء، ثلة من المفكرين و الباحثين للنبش في ذاكرة العلامة المؤرخ محمد إبن الموقت المراكشي، من خلال الإبحار في إرثه العلمي، و تسليط الضوء على إسهاماته القيمة في مجال التاريخ و التراث و الفقه و الأدب، مع إستعراض و تحليل فكره الإصلاحي.

و أجمع المتدخلون، خلال هذا اللقاء المنظم من طرف مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية و العلوم الإنسانية و مؤسسة الموقت للعلوم و الثقافة، على أن العلامة محمد إبن الموقت المراكشي يظل موسوعة إستشرافية فريدة، حيث كان -على حد قولهم- سابقا لعصره.

و أكدوا، في هذا المنحى، على غزارة علمه و تشعب مآثره، حيث كان يجمع بين مختلف العلوم و المعارف في محاولة منه للكشف عن مظاهر الجهل و التخلف التي سعى المستعمر جاهدا و بكل الوسائل من أجل تجذرها، بعيدا عن القيم الدينية الصحيحة المبنية على إعمال العقل و التدبر.

و في موضوع الصلاح و الإصلاح كمحور جوهري، كان العلامة إبن المؤقت يدعو، كما جاء في المداخلات، إلى التحلي بصفة التقوى لبناء الإنسان المواطن الصالح الكفيل بنشر الثقافة المجتمعية الإيجابية، حيث تسود العدالة الإجتماعية كأحد تجليات السعادة.

و في هذا الصدد، قال عبد المنتقم الموقت، رئيس “مؤسسة الموقت للعلوم و الثقافة”، أن والده كان نموذجا للعالم المتبصر الذي إمتزجت فيه الأصالة العلمية مع العمق الفكري، إذ إتسمت شخصيته بطابع موسوعي و ثقافة واسعة و إطلاع متنوع في مختلف العلوم و المعارف، من علوم التفسير و الحديث و اللغة إلى الأدب و التاريخ، و من الفقه إلى التصوف، و من الفلك و التوقيت إلى الجغرافيا، و من علم النباتات و المناخ إلى الآثار و العمران.

و أكد، في تصريح للصحافة، أن ذلك يبدو جليا من خلال الإرث الزاخر الذي خلفه الراحل من مؤلفات و مخطوطات لا تزال شاهدة على عبقريته و تفانيه في خدمة العلم و المعرفة، مشيرا إلى أن العلامة ابن الموقت ترك وثيقة بخط يده تفيد بأن مؤلفاته بلغت 200 كتاب، في الوقت الذي لم يتمكن الباحثون حتى الآن من توثيق و تحقيق سوى 83 كتابا من تأليفه.

من جانبه، قال المدير العام المساعد لمؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية و العلوم الإنسانية، محمد الفران، في تصريح مماثل، أن تنظيم هذا اليوم الدراسي يأتي في سياق مشروع تنخرط فيه المؤسسة للتعريف ببعض أعلام الفكر و الثقافة بالمملكة، و ذلك عبر سلسلة من الجلسات العلمية التي تجمع بين مفكرين و علماء تركوا أثرا جليا في مسار الثقافة المغربية و في مختلف المجالات.

و أشار إلى أن محور هذا اليوم الدراسي، المنظم في موضوع “العلامة المؤرخ إبن المؤقت المراكشي..إرثه العلمي و فكره الإصلاحي”، يندرج في هذا المنحى، حيث شكل فرصة لإبراز سلسلة من الأعمال و المؤلفات التي حاولت أن تمس مجالات مختلفة، من علم التوقيت و الفلك إلى العلوم الشرعية، فضلا عن نزعته الإصلاحية التي تجلت في مجموعة من الكتب القيمة.

و تضمن برنامج هذا اللقاء جلستين علميتين إنصب النقاش فيهما حول عدة محاور، منها “اليقظة الدينية و النقد الإصلاحي عند إبن المؤقت”، و “أفكار حول الثقافة و السعادة في فكر إبن المؤقت المراكشي”، و “الإصلاح في سياقه التاريخي، الرحلة المراكشية”، و “عناية المغاربة بالصحيحين : إبن الموقت نموذجا”، و “يواقيت صاحب المواقيت : شطر من بلاغة محمد الموقت في الرحلة المراكشية”، و “إسهامات إبن المؤقت في كتابة تاريخ مدينة مراكش”، و “الكتابة التاريخية بالمغرب في عهد الحماية : إبن الموقت المراكشي نموذجا”.

يذكر أن مؤسسة الموقت للعلوم و الثقافة، التي لا يتجاوز عمرها سنتين، أشرفت، في سنتها الأولى، على إصدار ستة كتب، من بينها “تعطير الأنفاس في التعريف بالشيخ أبي العباس”، و “السعادة الأبدية في جزأين في التعريف بمشاهير الحضرة المراكشية”، إضافة إلى إعادة طبع كتابي “الرحلة المراكشية” و “الجيوش الجرارة “، و هي كلها كتب تعتبر من أبرز مؤلفات العلامة محمد إبن الموقت و أكثرها شهرة عن سيرته العلمية و فكره الإصلاحي.

كما تنكب المؤسسة، حاليا، على إصدار كتاب جديد بعنوان “اليواقيت العصرية” للعلامة المؤرخ إبن الموقت، و هو كتاب ضخم بموسوعة شاملة في مجال التاريخ و العلوم و الحضارة و الفنون و المآثر و العمران، و الذي إنتهى الأستاذ الباحث أحمد متفكر من تحقيق الجزء الأول منه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.