احواش منطقة سوس احواش منطقة تالوين نموذجا – Omar ouahman

0 4٬040

احواش منطقة سوس
احواش منطقة تالوين نموذجا

ahouach-1نبذة عن منطقة تالوين
تالوين مدينة صغيرة تقع في منطقة سوس وتبعد عن مدينة تارودانت بحوالي 90 كلم . تقع تالوين على الطريق الرئيسية الرابطة بين ورزازات و تارودانت وتضم أكتر من 14 جماعة قروية تضمها بلدية واحدة وهي بلدية تالوين ؛ يعتبر الرعي والفلاحة واستغلال المنتوج الغابوي من بين الانشطة الاقتصادية بالمنطقة ويتصدر الزعفران القائمة من حيت المردود.

من المعلوم أن المغرب غني بالرقصات الفلكلورية الشعبية ولاسيما الأمازيغية منها، وقد ارتبطت أيما ارتباط بالأشعار والألحان، وكان يشارك فيها الرجل إلى جانب المرأة، بطريقة فردية أو ثنائية أو جماعية. وتقترن بالأعياد والحفلات والأعراس ومواسم الفلاحة ، وبفترات المقاومة والنضال العسكري ضد الأعداء الغزاة. ومن هنا، فقد اقترن الرقص بالمقاومة وتحدي العدو، والانسياق وراء نغمات الرياح و الكثبان الرملية ، والانسياق وراء تحركات الطبيعة مدا وجزرا. وهذا ما جعل أحد الباحثين الغربيين يقول عن الرقص الأمازيغي:” إنه من إيحاء تموجات السنابل…أو الكثبان في الصحراء، أو أعراف الجبال في الآفاق”.ويلاحظ أن الرقص الأمازيغي غالبا ما يتخذ طابعا جماعيا في أشكال هندسية متقاطعة أو متقابلة أو متوازية أو دائرية أو أنصاف دائرية. كما أن هذا الرقص أنواع عدة، فمن بين هذه الأنواع رقصــــة أحــــواش سوس بمنطقة تالوين فما هي خصائصها ومميزاتها الفنية والجمالية والدلالية وأبعادها الوظيفية؟
تعني كلمة أحواش الحائط الذي يحيط بالبيت أو البستان، وهو جمع حوش. ويعني مدلول الكلمة أن أحواش هو إحاطة الراقصين والراقصات بمكان الرقص الذي يسمى أيضا باسم” أساراگ” أو “أباراز” أو” أسايس” في السوسية والأطلسية، أو “رمارس” في اللهجة الريفية. وتعني كلمة أحواش في اللغة العربية التوسط ، أي احتوش القوم الرجل ، أحدقوا به وجعلوه في وسطهم. ويعني هذا أن رقصة أحواش الفلكلورية هي التي يتوسط فيها القوم صاحب الطبل. كما يحيل أحواش في الخطاب الفني الأمازيغي على الغناء والرقص الجماعي. ويستعمل رقص أحواش أثناء الحفلات والأعراس والولائم والأعياد الدينية والوطنية والحفلات الفلكلورية الشعبية. وتنتشر رقصة أحواش في مداشر وقرى ومدن منطقة سوس ومن المعلوم أن أحواش رقصة جماعية رائعة يشارك فيها عدد كبير من الراقصين والراقصات. ولا تبدأ هذه الرقصة الفلكلورية إلا بعد إلقاء بعض الأبيات الشعرية ( أمارگ) من قبل شاعر الفرقة أو من مجموعة من الشعراء بشكل متناوب، وانطلاق زغاريد النساء لتعقبها رقصة أحواش. كأن هذه المراحل بداية لتسخين جو الحفل، واستشعار لأجواء الرقص والحركات الكوليغرافية التي تهتز فيها الأكتاف والرؤوس والأجساد .

ومن المعروف أيضا أن رقصة أحواش من أهم المصادر الرئيسة لشعر الروايس بمنطقة سوس؛ لأن راقصي أحواش ينشدون أشعارا متناغمة مع حركات الأجساد التي تنساق مدا وجزرا أمام المايسترو الذي يراقب حركاتهم الجسدية ، ويأخذ في يديه الدف لتنشيط الحفل وتفعيله وجدانيا وروحانيا وحركيا . في حين نرى أعضاء أحواش الآخرين المقابلين للمايسترو يصفقون بأيديهم تصفيقا كثيرا، ويتحركون بشكل جماعي في انسجام تام مع الحركات الراقصة وإيقاعات الدف وتعاليم معلمهم أو شيخهم. وتلتحم جماعة أحواش عن طريق ضم الأيدي أو ملامسة الأكتاف، ويهتز الراقصون بأجسادهم يمنة ويسرة.

ahouach-2وقد تتخذ رقصة أحواش تنظيما صفيا في شكل مستقيم طويل ، وقد تتبعثر هذه الفرقة الراقصة لتتخذ أشكال التوائية أو دائرية أو متداخلة متقاطعة أو متقابلة.ومن نماذج رقصة أحواش انقسام الفرقة إلى صفين : صف من الذكور وصف من الإناث ، ويفضل أن تكون الإناث عازبات غير متزوجات احتراما للعادات الاجتماعية والتقاليد السوسية. كما تمتاز رقصات أحواش بخفة الحركة والسرعة في استعمال أعضاء الجسد من الأعلى إلى الأسفل والعكس صحيح أيضا. وكل هذا ينبغي أن ينسجم مع توجيهات ” أرياس” قائد المجموعة الراقصة في مشاهد أحواش الغنائية والمسرحية.

فإذا أخذنا أحواش منطقة” تالوين”، فنرى الأحواشيين يصطفون في صف طويل جدا وسط فضاء مفتوح يسمى بأسايس، ويحركون أرجلهم وأكتافهم يمنة ويسرة أمام معلمهم الذي يحفزهم وينشطهم. ;وتستخدم في رقصاتهم الزغاريد النسوية وإيقاعات الدف “والبندير” ودقات نقر الحديد إلى جانب ضربات الأرجل وتصفيقات الأيدي. وتوحي هذه الرقصة الأحواشية بالجذبة الصوفية والخشوع الفني الوجداني ، كما تشير إلى أجواء التضامن والالتحام الشعوري والأخلاقي والاجتماعي والحركي. وقد يخرج أحد الراقصين من الفرقة ليصبح رئيسا بدوره مستخدما يديه للتصفيق والتوجيه والتأطير والتشجيع على استمرار الرقص الحيوي باحتفاليته الحارة والحيوية. ويعتمد المغنون على ارتجال الأشعار الفردية والزغاريد الموحية وتوحيد الأزياء أو تنويعها.
ويمكن الحديث أيضا عن أحواش النساء أو أحواش الرجال أو أحواش يختلط فيها الرجال والنساء. وتتميز لباس الراقصات الأحواشيات باستعمال الحلي الأمازيغي وثياب متقابلة بألوان مزركشة لامعة كاستعمال اللون الأصفر والأحمر والأزرق والأبيض بكثرة.ومن جهة أخرى، نجد أعضاء فرقة أحواش يحملون مجموعة من الإكسسوارات الدالة على الصناعة التقليدية السوسية من خنجر أمازيغي، وحاملته الطويلة المصنوعة من خيوط ملونة مزركشة تحيط بظهر الراقص وكتفه وتتدلى على صدره ، وكيس مطرز بالفسيفساء السوسية.
وعلى مستوى الأزياء، ينتعلون البلغة السوسية أو البلغة الفاسية، والجلابة المغربية الأصيلة و” تشامير” الداخلي، ويضعون في الكثير من الأحيان على رؤوسهم العمائم البيضاء.
ويلاحظ كذلك أن زغاريد النساء تتناوب مع أشعار أحواش تقاطعا وتداخلا . كما يتوسط الراقصون الأحواشيون مجموعة من ضاربي الدف أو الطبل. وغالبا مايستهل الأحواشيون رقصاتهم بأشعار في مدح النبي صلى الله عليه وسلم . والإشادة بأصحابه رضوان الله عليهم والتشوق إلى مكة والمدينة ، والترحيب بالمدعويين ذكورا وإناثا ، رجالا ونساء ، والخوض في مواضيع اجتماعية وسياسية ومحلية ووطنية وقومية وإنسانية.
بيد أن رقص أحواش لم يعد مقصورا على الفضاءات المفتوحة وسط القرى والفدادين الفلاحية ، وأسوار قصر شيخ القبيلة العالية ، بل نجد يسافر مع مجموعة من الروايس والرايسات إلى فضاءات متمدنة ليشهده عامة الناس فوق المسارح والمهرجانات والملتقيات الثقافية داخل المغرب وخارجه في الوطن العربي والعواصم الغربية

بقلم :Omar ouahman

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.