ميناء الداخلة الأطلسي، ورش ملكي في خدمة الربط بين القارات

0 989

على بعد حوالي أربعين كيلومترا شمال مدينة الداخلة، بين الصحراء و المحيط، يتراءى ميناء الداخلة الأطلسي بشكله المهيب و المتطلع نحو المستقبل.

و يجسد هذا المشروع الملكي، الذي يعد من بين مشاريع البنية التحتية الأكثر طموحا التي يتم تنفيذها في الأقاليم الجنوبية الإرادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس في ترسيخ المملكة ضمن دينامية قارية قائمة على الإندماج و الإزدهار المشترك و الإنفتاح الإستراتيجي.

مدعوما بالإستراتيجية الوطنية للموانئ لعام 2030، يندرج هذا المشروع الهيكلي أيضا في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، بإعتباره رافعة للتحول الإقتصادي و الإجتماعي و اللوجستي.

و يعكس تصميمه رؤية مستقبلية تتمثل في جعل المغرب قطبا بحريا لا غنى عنه، مرتبطا بالطرق البحرية التجارية و الطاقية العالمية الكبرى.

و أكدت نسرين إيوزي، مديرة تهئية ميناء الداخلة الأطلسي، في حديث للصحافة، أن “هذا المشروع الضخم ينسجم تماما مع الرؤية الملكية لتنمية الواجهة الأطلسية للمملكة و تعزيز روابط التعاون مع الدول الإفريقية”.

و أضافت أن نسبة التقدم الإجمالي تبلغ حاليا نحو 40 بالمائة، مسلطة الضوء على ركيزتين أساسيتين في المشروع، و هما الأشغال البحرية التي تشمل السدود و الأرصفة و المنصات، بالإضافة إلى جسر بحري بطول 1.3 كيلومتر، يهدف، بشكل ناجع، إلى ربط الميناء بالساحل و قد تم إنجاز 85 بالمائة من أشغاله.

و أضافت أن المشروع يتقدم بخطى ثابتة، مشيرة إلى أنه تم إنتاج أكثر من 125 ألف من القوالب المكعبة، و هو ما يمثل أكثر من نصف العناصر المتوقعة لحماية السواحل.

و تتم عمليات الردم و تجهيز كتل الأرصفة و التهيئة التقنية وفق جدول زمني محدد، تحت رقابة صارمة لنظام الجودة الذي يستجيب لأكثر المعايير الدولية صرامة.

بإستثمار إجمالي يناهز 12,65 مليار درهم، تم تصميم ميناء الداخلة الأطلسي لإستيعاب حركة مرور سنوية تصل إلى 35 مليون طن، مع منصة قادرة على التعامل مع البضائع السائبة السائلة، و البضائع السائبة الصلبة و الحاويات (ما يصل إلى مليون حاوية نمطية)، بالإضافة إلى الأنشطة المرتبطة بالصيد و إصلاح السفن.

و من المتوقع أيض ا أن يلعب الميناء دورا رائدا في تصدير الهيدروجين الأخضر، و خاصة في شكل الأمونيا، بما يتماشى مع طموحات المملكة فيما يتعلق بالإنتقال في مجال الطاقة.

فضلا عن البنية التحتية، يهدف المشروع الملكي إلى أن يكون بمثابة عامل تسريع للتنمية المحلية. و لقد تم بالفعل خلق أكثر من 2500 فرصة عمل مباشرة، و سيتم توفير عدة آلاف أخرى، و ذلك بفضل المنظومة الإقتصادية الذي يتم إحداثها على مستوى الميناء.

كما يتم تهيئة منطقة صناعية و لوجستية مندمجة بمساحة 1650 هكتارا، مخصصة لإستيعاب المشاريع المبتكرة في مجالات الفلاحة الصناعية و الطاقات المتجددة و تحويل المنتجات السمكية و مواد البناء.

ملتزما بالإستدامة، يتبنى المشروع في كل مرحلة مقاربة بيئية مسؤولة، من خلال تحسين المسارات بين المقالع و الموقع لتقليل البصمة الكربونية، و إستخدام المعدات البحرية في التفريغ المستمر للكميات المجروفة و إنتاج الطاقة الشمسية للمنشآت، و إعادة إستخدام المواد من السدود المؤقتة.

و يتم أيضا ضمان الإدارة الفعالة للموارد، و خاصة المياه، من خلال أنظمة المعالجة و إعادة التدوير.

في الوقت الذي يتواصل فيه العمل بكل جدية و طموح، يكرس ميناء الداخلة الأطلسي نفسه كبنية تحتية إستراتيجية رائدة، مدعوة إلى إعادة رسم الخريطة الإقتصادية لجنوب المملكة.

و يعد هذا المشروع رمزا لرؤية ملكية جريئة و شاملة، و هو يجسد إلتزام المغرب بالعمل من أجل مستقبل مترابط و مرن و مندمج بشكل كامل ضمن محيطه الأفريقي و الدولي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.