أزمة فيروس كورونا ترخي بظلالها الثقيلة على احتفالات العام الجديد
بين إلغاء الحفلات أو فرض قيود صارمة عليها ومنع الموسيقى واقتصار التجمعات على العائلة الضيقة، يستعد العالم لبدء عام ثالث مع وباء كوفيد-19، في وقت ترتفع فيه أعداد الإصابات بشكل حاد مع ظهور بصيص أمل خجول.
شهد عام 2021 الذي يستعد العالم لتوديعه اليوم الجمعة (31 ديسمبر 2021) الكثير من الأحداث. لكن وباء كورونا هو الذي كان يتحكم مجددا بالحياة اليومية للقسم الأكبر من البشرية. وتوفي أكثر من 5,4 ملايين شخص منذ ظهور الفيروس للمرة الأول في الصين في ديسمبر 2019. وأُصيب بالمرض عدد ملايين الأشخاص وخضع كثر لتدابير عزل وحظر تجول وللكثير من الفحوص.
وتسبب ظهور متحور أوميكرون في نهاية العام 2021 بتجاوز حصيلة الإصابات اليومية في العالم المليون للمرة الأولى، بحسب تعداد وكالة فرانس برس. وتسجل بريطانيا والولايات المتحدة وحتى أستراليا التي بقيت لوقت طويل بمنأى عن الوباء، أعداد إصابات قياسية.
إلا أن توزيع اللقاحات لنحو 60 بالمائة من سكان العالم يبعث بصيص أمل، رغم أن بعض الدول الفقيرة لم تحصل على ما يكفيها من اللقاحات وأن جزءا من الشعوب لا يزال مناهضا للقاحات.
دول تحتفل رغم الجائحة
من سيول إلى سان فرانسيسكو، أُلغيت احتفالات عيد رأس السنة أو تقلصت. إلا أن احتفالات ريو دي جانيرو التي تجمع عادة ثلاثة ملايين شخص على شاطئ كوباكابانا، أُبقيت. لكن سيتم تقليص الاحتفالات الرسمية مع انتظار حضور حشود كبيرة. وقال فرانسيسكو رودريغيث (45 عاما)، وهو نادل في كوباكابانا، “الناس ليس لديهم سوى رغبة واحدة، الخروج من منازلهم والاحتفال بالحياة بعد وباء أجبر العالم على الانعزال”.
وبعض البرازيليين أكثر تشكيكا في بلد أودى الوباء فيه بحياة قرابة 619 ألف شخص، وهي ثاني أسوأ حصيلة في العالم بعد الولايات المتحدة. وأكدت روبيرتا أسيس وهي محامية تبلغ 27 عاما “سيكون هناك الكثير من الناس في كوباكابانا، هذا أمر لا مفرّ منه”. وتنوي الذهاب إلى منزل صديقة لها مع مجموعة صغيرة من رفاقها. وأضافت “ليس هذا الوقت المناسب للتجمعات الكبيرة”.
أبقت سيدني أكبر مدينة في أستراليا، أيضا على عرضها للمفرقعات التي ستضيء مرفأ المدنية الرمزي. خلافا للحدث الذي أُقيم بدون جمهور العام الماضي، يُنتظر حضور عشرات آلاف الأشخاص. وتؤكد السلطات الأسترالية أن تغيير موقفها بشكل مفاجئ لناحية التخلي عن استراتيجيتها بعنوان “صفر كوفيد” لصالح استراتيجية “التعايش مع كوفيد”، مبني على معدلات التلقيح المرتفعة وعلى القناعة المتزايدة بأن متحور أوميكرون ليس قاتلا.
يعكس هذا التحول المذهل ميلًا أوسع تمثل في تردد قادة الدول الغربية خصوصا في إعادة فرض التدابير الصارمة التي كانت مفروضة عام 2020، وذلك لتجنب حصول ركود اقتصادي مرة أخرى.
أوميكرون و “تسونامي” من الإصابات!
وشهد العام 2021 في أوروبا وخارجها، زيادة في عدد التظاهرات المناهضة للقيود، في وقت كانت أقلية لا تزال مترددة في أخذ اللقاح، ما أثار مخاوف إزاء كيف سينتهي الوباء بدون زيادة معدلات التلقيح.
في جنوب إفريقيا حيث اكتُشف المتحور للمرة الأولى، تم تأخير موعد حظر التجول من منتصف الليل إلى الرابعة فجرا للسماح بإجراء الاحتفالات. وأعلنت السلطات الصحية أن تراجع عدد الإصابات في البلاد خلال الأسبوع الماضي يشير إلى أن ذروة الموجة الوبائية قد مرت.
وفي كندا، أعلنت مقاطعة كيبيك فرض حظر تجول ليلي مجددا اعتبارا من الساعة 22,00 حتى الساعة الخامسة عشية رأس السنة الجديدة بعد تسجيل عدد قياسي من الإصابات بسبب الانتشار السريع لمتحور أوميكرون في كندا.
من جهتها، أعلنت هيئة الصحة العامة الفرنسية أن المتحور أوميكرون بات الآن المسبب الرئيسي للإصابة بالمرض، موضحة أن الفيروس شهد “تطورا كبيرا” في الأيام الأخيرة. وقالت الوكالة الحكومية في إحصائها الأسبوعي الأخير الذي نُشر مساء الخميس إن “62,4 بالمئة من الاختبارات التي أجريت كشفت مواصفات مطابقة لمتحور أوميكرون” في بداية الأسبوع الأخير من العام مقابل 15 بالمئة في الأسبوع السابق.
ويأمل الخبراء في أن تذهب سائر دول العالم في اتجاه تعزيز الإجراءات الوقائية وأن يبشر العام 2022 بمرحلة جديدة بالنسبة للوباء، يسجل خلالها عدد أقل من الوفيات. لكن منظمة الصحة العالمية تتوقع أن تكون الأشهر المقبلة عصيبة.
وقال الأمين العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس “أشعر بقلق بالغ من أن يؤدي انتشار أوميكرون، كونها أشد عدوى، في الوقت نفسه مع دلتا، إلى تسونامي من الإصابات. ذلك يمثل عبئا هائلا على العاملين الصحيين المنهكين وعلى منظومات صحية تقف على شفير الانهيار”.