رغيف خبز بصفعة..

0 234

 

الزمن لا يلتفت للجياع ولا الفقراء، لا يهتم بخطواتنا الصغيرة ولا بأحلامنا الأصغر من خطوة طفل قروي، ولا ينتظرنا أيضا إنه ماض بنا ولا يعبث كما الدولة بأملنا ولا ألامنا، هذا ما أدركته وأنا أنتظر طلب قبولي في*لاخيرية* بعد الإدلاء بشهادة ضعف ثانية لم تتردد السلطات المحلية في منحها لي بعد أن تفحص المسؤول قسمات وجهي جيدا على ما أعتقد، وكان عمي أخبرني بإجراء اتصالات مع رئيس الجماعة القروية وأحد أعضاءها الأخرين من أجل المصادقة على طلبي ذاك لأن عمي قدم له دعما في الإنتخابات الجماعية على حساب مرشح البلدة، وما سبب له ذلك من خصومات سياسية مع أهل البلدة وكأن عمي ثوري شق عصا الطاعة والإجماع هو ومن والاه،لكن ما لبث الزمن أن أدخلها طي النسيان ،إنها السياسة لاتعترف بصداقات ثابتة ولا عدوات كذلك. ونجحت تدخلات عمي أخيرا وجائني بالبشرى يحملها فوق دراجته النارية ،حدث ذلك يوم الخميس حيث يعقد السوق
 الأسبوعي وبالكاد تعرف عمي علي للتغيرات التي طرأت علي بسبب سوء ونقص التغدية على السواء، لقد وقف الحظ بجانبي هذه المرة ، ورغم ذلك يتعين علي أن أنتظر إلى يوم الإثنين للإلتحاق بدار الطالب، وعندما هم عمي بتحريك عجلتي دراجته المعمرة لأنها مازال يملكها إلى يومنا هذا أطال الله عمره وعمرها،إستوقفته وطلبت منه درهما لأشتري قلما،لقد كذبت عليه كذبة بيضاء سياسمحني الله عليها لأنه أعلم بظروفي وقتها، أما عمي لو عرف أني اشتريت ربع خبز مكان القلم لسجلها في سجلي التاريخي على انني كذاب ..أثم.. أشر..المهم أنه أمدني بها قبل أن يضيف: هذه عادتك ياخالد كثير الطلب. لم أعلق لأنني لم أطلب منه هدية في عيد ميلادي يوما أو لعبة أتسلى بها أو شيئامن هذا القبيل كل طلباتي خبز وأدوات مدرسية،بعدما غادر على نغمة خاصة تحدثها دراجته المسنة عدت أدراجي في انتظار زملائي الذين كان حظهم أحسن مني إنهم نزلاء القسم الداخلي وللتاريخ فبعضهم يقتسم معي عذاءه لقد كنا رغم صغارنا متضامنون جدا،وهكذا تدبرنا حالنا أنا وأخي طيلة أسبوع كامل وفي مساء السبت شددت الرحال إلى بلدتي هذه المرة لم أعر اهتماما للأماكن التي أعبرها بل أكتفي بعد الخطوات ولا ألتفت إلى الوراء كأني أفر من معاناتي هناك، وصلت البلدة تحت جنح الظلام،بدأ أبي يستفسرني عن واقع التعليم وحال الأساتذة وكأنه وزير وصي على قطاع التعليم في البلاد ،فيما لا يسلك إلى أذن الجائع سوى كلمة خبز وتمر، وحده قلب الأم أحس بي لذلك أعدت لنا براد شاي وهيأت لنا شيئا نأكله، واستسلمت للنوم مباشرة لم استيقظ باكرا ومر يوم الأحد بسرعة الضوء وفي مساءه توجب علي العودة من جديد ل*تاكونيت المركز*، وهو ما حدث بالفعل نفس المسافة ونفس الخطوات ونفس الحكاية، وبعد انتهاء فترة الدراسة الصباحية توجهت مباشرة نحو دار الطالب وعلينا الأنتظار في طابور طويل وبدأ المكلف بالمناداة على كل واحد بإسمه حتى دخل الجميع وبقيت وأخي أحمد كمن ارتكب جرما استفسرناه و أخبرنا على أن أسماءنا غير موجودة في الأئحة وعلينا المغادرة ، أيكون ذاك المرشح كذب على عمي كما يكذبون في برامجهم الإنتخابية؟ أيكون ذاك العضو الجماعي والحارس العام صديق عمي أعطاه وعدا مزيفا. سؤالان طرحتهما الظرفية التاريخية وأنا أهم بالمغادرة وبجانبي أخي،و أحمل كتبي ودفاتري كأي مفكر بئيس ورائحة المرق تنبعث من ورائي ذاك الشباك الخشبي، استوقفنا ذاك المكلف وأمدنا برغيف خبز حافي بتعبير محمد شكري، وانطلقنا في اتجه بيت الشيخ حمان بعد أن أخذنا علبة سردين معنا.غدا نكمل الحكاية مودتي.

خالد بلحاج

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.