صندوق ‘ووتر بود’ لتحلية مياه صحراء محاميد الغزلان

1 732

قنطرة واد درعة – امحاميد الغزلان

 AFP– على بعد كيلومترين من قرية محاميد الغزلان في اقصى الجنوب الشرقي للمغرب، وضع لأول مرة كل من آلان وثييري صندوق “ووتر بود” أمام بئر وسط الرمال، ليعلما أحد الرحل طريقة تحويل المياه المالحة الى مياه صالحة للشرب على أمل حل بعض مشاكل سكان الصحراء مع المياه. وجاءت فكرة صناعة آلة لتحلية المياه للمرة الاولى عندما كان “آلان ثيبو” بحارا يجوب المحيطات لـ15 سنة، وغالبا ما كانت المياه الصالحة للشرب على قاربه قليلة او توشك على النفاد، ففكر في تكنولوجيا بسيطة ومستقلة، تساعد في الحصول على مياه صالحة باستمرار حتى وسط البحر. وصندوق “ووتر بود” عبارة عن تقنية بسيطة تعيد انتاج الدورة الطبيعية للمياه، باعتماده على ما تفعله حرارة الشمس بمياه البحار المالحة، بتبخيرها وتكثيفها ثم “معدنتها”، لتصير مياها صافية صالحة للشرب، في اي وقت من السنة. وقال آلان ثيبو لفرانس برس انها “أول مرة نجرب فيها التقنية في الصحراء بوجود أحد السكان المحليين” في منطقة تكون فيها مياه الآبار أو البرك مالحة أو غير صالحة للشرب في أوقات كثيرة من السنة. ويعلق عمر الرزوقي الذي رافق بزي الرحل المحلي، آلان ثيبو وفريقه ليلاحظ طريقة تجهيز الصندوق “انها فكرة بسيطة وعملية ستحل الكثير من مشاكلنا نحن الرحل خاصة وأن الصندوق خفيف. لن نعاني مع المياه المالحة أينما حللنا وارتحلنا”. ومبدأ آلان ثيبو فيما يتعلق باستعمال تقنية “ووتر بود” هو تلقين الناس الذين سيحتاجون هذه التقنية، كيفية صناعتها، ذلك “لأن تعلم اصطياد الاسماك افضل من الحصول عليها بسهولة” كما يعلق ثيبو. ويضيف “جلبنا نموذجنا هنا الى محاميد الغزلان لنعرضه ونشرح طريقة عمله، وننقل الى رحل هذه المنطقة الصحراوية مبدأ اشتغاله حتى يتمكنوا بأنفسهم من صناعة الآلات، ونحن سنعمل على مواكبتهم وتطور عملهم”. واستطاع ثيبو تطوير صندوقه المكون من الخشب من الخارج والمعدن الذي لا يصدأ من الداخل، إضافة الى الزجاج، حيث لا يحتاج الصندوق الا لحرارة الشمس لتحويل 12 ليترا من المياه المالحة في اليوم الى 6 ليترات من المياه الصالحة للشرب. وحتى في حال غياب ضوء الشمس كما يشرح ثيبو “هناك تقنيات لتركيز الضوء القليل خلال النهار وتسليطه على الماء من أجل تبخيره وتكثيفه للحصول على مياه صالحة للشرب”. وتدوم مدة صلاحية صندوق “ووتر بود”، حتى أربعين عاما ولا يحتاج الى إصلاحات تذكر، وتبقى آخر مرحلة للحصول على مياه متكاملة صالحة للشرب بعد تصفيتها، هو “معدنتها” أو إغناؤها بالأملاح المعدنية، عن طريق وضع بعض الأحجار فيها. وحصلت تقنية “وواتر بود” سنة 2011 على جائزة “جانوس” للصناعة، الموجودة منذ 1953، والتي يمنحها “المعهد الفرنسي للتصاميم”، للابتكارات التي تملك قيمة مضافة خلال استعمالها، وتعود بنفع حقيقي على المستعمل الموجهة اليه. هذا النفع حسب نور الدين بوركاب رئيس “جمعية رحل العالم” سيجعل رحل المغرب والعالم “ينهون على الأقل مشكلة المياه المالحة في المناطق التي يرتحلون اليها في المناطق الصحراوية. انها تقنية سهلة وتعكس روح التنمية المستدامة والحفاظ على البئية”. من جانبه يقول ثييري موبوسان الذي ساعد ثيبو على تجربة “ووتر بود” في المغرب ان “الهدف الأساسي من هذه التقنية هو مساعدة الناس الذين لا يحصلون على مياه صالحة للشرب، وليس المتاجرة في الآلة لتحقيق الأرباح”. ويقول تقرير للأمم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي للماء الذي يصادف 22 آذار من كل سنة، ان “نوعية المياه تتردى في كافة انحاء العالم، خاصة بسبب اتساع مساحة المدن بسبب النمو الديموغرافي وانتشار المواد السامة والكيميائية”. كما أفاد تقرير مشترك عن منظمة الصحة العالمية واليونيسف ان مياه الشرب متوفرة لنحو 87% من سكان العالم وان اكثر من ثلث الذين لا تتوفر لديهم تلك المياه يعيشون في دول افريقيا جنوب الصحراء. ويضيف ثييري “لهذا قمنا بتجربتنا الأولى هنا في الصحراء. نحاول ان نلقن السكان كيف يحصلون على الماء. وسبق ان لقنا طلبة أحد المعاهد التقنية في مدينة تزنيت الساحلية جنوب المغرب طريقة صناعة الآلة ومبدأ اشتغالها لمساعدة الصيادين الذي يعملون في البحر. نحن ننقل المعرفة لمساعدة الناس على حل مشكلة الماء”. وتحترم الآلة حسب ثييري البيئة لأنها “تستعمل مواد طبيعية غير ملوثة ولا تحتاح الى الوقود أو الطاقة الأحفورية، بل الى الشمس فقط، كما أنها تدوم لعقود. إنها فكرة ذكية ومبتكرة وسهلة”. ويعود إنشاء أول حقل كبير، اعتمدت فيه طريقة تحلية المياه عن طريق حرارة الشمس لتزويد الناس بالماء الصالح للشرب الى سنة 1872 حين أنشأ المهندس السويدي شارلز ويلسون على مساحة 4700 هكتار في مدينة “لاس ساليناس” شمالي تشيلي هذا الحقل من صناديق خشبية بداخلها ألومنيوم. وظل هذا الحقل يعمل لأربعين عاما، كان ينتج خلالها يوميا حوالى 23 ألف لتر من الماء المصفى من مياه البحر لصالح سكان “لاس ساليناس”. لكن فكرة الحصول على مياه صالحة للشرب بإعادة انتاج دورة المياه الطبيعية، ظهرت مع الفيلسوف اليوناني ارسطو الذي وصف في كتاباته طريقة لتحويل المياه غير الصافية الى مياه صالحة للشرب. وكان الكيميائيون العرب اول من استعمل حرارة الشمس للحصول على المياه الصالحة للشرب في القرن السادس عشر، لكن اول وثيقة تاريخية تعود الى سنة 1742 حين اخترع الإيطالي “نيكولو غيزي” تصميما يسمح بإعادة إنتاج دورة المياه للحصول على مياه نقية. وتنص اهداف الألفية الثالثة على خفض نصف عدد الذين لا تتوفر لديهم مياه الشرب ومنشآت صحية اساسية بحلول 2015، حيث يقدر عدد الذين يشربون مياه غير صالحة اليوم ب1,9 مليار نسمة، إضافة الى 1,6 مليار نسمة أخرى تستهلك مياه مشكوك في جودتها. وفي انتظار ان يتحقق أمل ثيبو وموباسان بتوفير التقنية لسكان الصحراء في المغرب وبعده إفريقيا ومناطق العالم الأخرى التي تحتاج مياه نقية، يبقى عدد الذين يحصلون على مياه صالحة في القارة السمراء أقل من عدد الذين يملكون هواتف نقالة.

 

تعليق 1
  1. تاكونيتي يقول

    حبذا لو تم اكمال الموضوع بطرح التقنية كاملة لتصبح متاحة للجميع.
    شكرا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.