الوزير بوريطة : جلالة الملك جعل من إفريقيا أولوية إستراتيجية ثابتة في سياسة المملكة الخارجية

0 162

أكد وزير الشؤون الخارجية و التعاون الإفريقي و المغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، اليوم الإثنين بالرباط، أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس جعل من إفريقيا أولوية إستراتيجية ثابتة في سياسة المملكة الخارجية.

و أبرز بوريطة، في كلمة ألقاها بمناسبة الإحتفال بيوم إفريقيا، الإيمان العميق لجلالة الملك بأن مستقبل القارة لا يبنى إلا بسواعد أبنائها، و بتعزيز التعاون الفعلي بين دولها، خدمة لشعوبها.

و شدد، في هذا السياق، على أهمية الموضوع الذي تم إختياره هذه السنة للإحتفال بهذا اليوم، و هو “الإندماج و التنمية في إفريقيا : تسريع الربط و التعاون البيني الإفريقي”، مشيرا إلى أنه يعكس رؤية جلالة الملك، الذي أكد في غير ما مناسبة على أن مستقبل إفريقيا رهين بالتكامل و التعاون الحقيقيين بين دولها.

و من هذا المنظور، إعتبر الوزير بوريطة أن هذا الشعار يحمل دعوة صريحة إلى التعبئة الشاملة و التحرك الفعلي من أجل ترسيخ الإندماج الإفريقي، و تحويل طموحات التنمية إلى واقع ملموس، عبر تعزيز الربط و التعاون الإقتصادي بين البلدان الإفريقية و شعوبها.

و أوضح الوزير، أيضا، أن الإحتفال بيوم إفريقيا يتجاوز البعد الرمزي، ليشكل دعوة إلى العمل الجماعي و المسؤول من أجل توطيد الروابط بين بلدان القارة، و الرفع من مستوى التعاون الإقتصادي البيني، بوصفهما ركيزتين أساسيتين لتحقيق التنمية الشاملة و المستدامة.

و شدد الوزير بوريطة على أن “المغرب لا يحتفل بإفريقيا يوما واحدا في السنة، بل يحيى تطلعات إفريقيا، و يستثمر في إفريقيا، و يؤمن بإفريقيا كل يوم”، لافتا إلى أن “إفريقيا تتقدم، تعيد إبتكار ذاتها، و تفرض على العالم قراءة جديدة لها”.

و أبرز، في السياق ذاته، تأكيد جلالة الملك على أن إفريقيا ليست ساحة تنافس، بل فضاء للتضامن و التعاون و النهوض المشترك، مبرزا ضرورة تعزيز سلاسل القيمة الإفريقية، و تحويل موارد القارة محليا.

و سجل أن “التشخيص واضح، نحن نمثل بالكاد 3 في المائة من التجارة العالمية، و 17 بالمائة فقط من تجارتنا البينية بين الدول الإفريقية، في وقت تعاني فيه جل الدول الإفريقية من إعتماد مزمن على الواردات الغذائية و الصناعية و الدوائية”.

و تابع الوزير أن “تغيير هذا الواقع لم يعد مسألة كبرياء، بل أصبح مسألة بقاء. و العالم يتغير بسرعة أمام أعيننا، و لن ينتظرنا”، مضيفا “نعم، إفريقيا تتحرك، نعم، هي تجذب، و هي تبتكر. لكنها مطالبة اليوم بالإسراع، و الترابط، و بناء روافع سيادية، و سلاسل قيمة متكاملة، و صناعات قادرة على تحويل موادها الأولية محليا”.

و بحسب الوزير بوريطة فإن “المغرب لا يدعي أنه يمتلك نموذجا معجزا. لكنه قام بإختيار واضح يتمثل في العمل، و الثبات، و الوفاء بالوعود”، مشيرا إلى أن “المملكة تتصرف كشريك طويل الأمد، في وقت يرى فيه البعض الدول الإفريقية الشقيقة أسواقا يجب فتحها أو أصواتا يجب إخضاعها”.

و أضاف “نحن لا ن نظر للتضامن، بل نطبقه. نحن لا نطلق وعودا، بل نبني. نحن لا نكتفي بالتجارة فقط، بل نستثمر”.

و في هذا الصدد، ذكر الوزير بوريطة بسلسلة من المبادرات تجاه القارة، منها تسليم اللقاحات للدول الإفريقية إبان الجائحة، و الإستثمار في البنى التحتية الطبية و التعليمية و الفلاحية و الطاقية، بالإضافة إلى المشاريع الرائدة مثل مشروع خط أنابيب الغاز الإفريقي-الأطلسي نيجيريا-المغرب، و مبادرة الدول الإفريقية الأطلسية، و كذلك المبادرة لتسهيل ولوج الدول الشقيقة في منطقة الساحل إلى المحيط الأطلسي.

و تابع قائلا “طموحنا لإفريقيا معروف، و هو صادق، و يقوم على ثلاثة مبادئ أساسية تتمثل في التضامن الفعال، و الإحترام المتبادل، و العمل الملموس”، مضيفا أن “هذا يجعلنا نؤمن بإفريقيا ترسم سبلها الخاصة، إفريقيا الإنجازات و المشاريع البنيوية، و ليس الخطابات العقيمة و الصبيانية”.

و أضاف “يجب علينا أن ننتقل من إفريقيا حسن النوايا إلى إفريقيا الممارسات الجيدة و النتائج الملموسة”، مشيرا إلى أن “إفريقيا لن تتقدم بالوتيرة و المسار الذي نرغب فيه إذا ظلت متغيرة تتكيف مع مصالح ضيقة”.

و أوضح الوزير بوريطة أن ” المغرب يؤمن إيمانا راسخا بأن قارتنا يجب أن تتبنى أجندة إقتصادية واضحة، مترابطة، و مركزة على الإستقلالية الإستراتيجية، لاسيما من خلال تحويل و تثمين مواردنا الأولية، و رقمنة إداراتنا لتسهيل التكامل، و تعزيز أمننا الطاقي، بالإضافة إلى إزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية التي تعيق إتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية، فضلا عن تعزيز سيادتنا الغذائية عبر تطوير فلاحتنا لضمان أمننا الغذائي”.

و تابع “نحن بحاجة إلى +صدمة كهربائية للتكامل+”، مضيفا أن هذه “الصدمة الكهربائية لن تأتي من الخارج، بل ستأتي منا نحن الأفارقة، عبرنا نحن الأفارقة”.

و أشار إلى أن “المغرب مستعد لأن يكون محفزا لذلك، ليس للقيادة، بل للتوحيد. ليس لفرض نفسه، بل للإقتراح”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.